المريد الراضي عضو ذهبى
عدد المساهمات : 259 نقاط : 9736 التفاعل مع الاعضاء : 4 تاريخ التسجيل : 06/02/2013 الموقع : تبنا الي الله
| موضوع: طب القلوب لسيدي سلامه الراضي قدس الله سره الثلاثاء فبراير 26, 2013 11:25 am | |
| طب القلوب (( سيدى سلامة )) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام علي رسول الله و علي آله و صحبه و من والاه ( و بعد ) فإن طبيب الأجسام لا بد له من معرفة أجزاء الجسم و كيفية تركيبه و خواص .
و منفعة كل عضو و وظيفته و صحته و مرضه . و أسباب الصحة و المرض .
و طرق العلاج و معرفة العقاقير و خواصها و كمية الدواء و درجة المرض .
و التركيب و التحليل و البسيط و المركب
.. إلي غير ذلك من معرفة الأمكنة و الفصول الخ ..
فيسير الطبيب مع العليل في طريق التدريج بحسب الاستعداد شيئا فشيئا حتى يتم له الشفاء .
و يبرأ من وصمة المرض
. و ينال كمال الصحة و اعتدال مزاجه .
و كذلك يكون طبيب القلوب و الأرواح .
إذا أتاه مريض سار معه في طريق التدريج حتى يبرأه من مرض قلبه .
و المراد بمرض القلب ما يدخل عليه من ظلمات الشكوك و الظنون و الأوهام الساترة للقلوب .
عن مطالعة الغيوب
. و لا يحصل ذلك إلا إذا حام الشيطان و رفرف علي قلبه فيحول ذلك بين قلبه و نور ربه فيضعف استعداد نوره الإيماني
. و النور الإيماني إنما هو مدد معنوي يرد علي القلب من نور المصطفي
"صلي الله عليه و سلم"
و يقوي و يضعف بكثرة المتابعة وقلتها و القلب هو الروح و المسمي واحد والإلباس تختلف فالروح باعتبار الناطقية و التكليف و القلب باعتبار تقلبه في العمل علي شاكلته و تلونها بما يرد عليها بحكم السابقة و الاستعداد و نظر الشيطان إلي ذلك الاستعداد قوة و ظهورا ــ فيلقي الشيطان فيه بقدره فإذا أراد الله به خيرا رزقه نور التسبيح فينسخ الله بنور هديه ظلمة ما ألقاه الشيطان و يحكم الله إيمان عبده علي ذلك إذا أظلم القلب بالشكوك و الظنون و الأوهام .
و ستر بها عن مطالعة النور الأعلى أخلد إلي السفليات و انحط في دركات النفس إلي حضيض الشيطان فاستولي عليه بغوايته .
و جلس في أوجه و باض و فرخ و تكثر وساوسه و تتحد معه النفس بحكم ظلمة البعد و القسوة .
فسار بالعبد في طرق الضلال و الهوى و ركبه الشيطان و جعله كالحمار يصرفه حيث شاء في حظوظ نفسه فتظهر عليه أحوال الشياطين في أخلاقه و أفعاله و أقواله و أحواله فلا تتصرف جوارحه إلا فيما لا يرضى ربه و إن تنبه من ثقيل نومه و أدرك أنه بعيد من ربه مكر به الشيطان و ساعدته النفس و أدخلا عليه دقيق الدسائس و المكايد فيدسان له السم في الدسم و دق عليه الأمر و اختلط .
فلا يدري الحق من الباطل و التبس عليه الحال فيظهر له الأمر بعكسه .
و يرى الباطل حقا بعين بصيرته المكسوفة النور . و إذا أراد الله فتنة معشر .
و أضلهم .
رأوا القبيح مليحا فصار غريق الشهوات كثير الذنوب و هو لا يدرى و ربما كان غالبت ذنوبه قلبه فتظهر له العبادة في صورة ازداد بهاؤها و نورها و هي ليست من الله في شيء لما احتوت عليه من نفاق القلوب و الغش لصدورها من قلب مشحون بأكبر الكبائر وقاذورات الشهوات و هو يناجي ربه و لا يدرى أنه قد أقيم مقام البعد بل يرى أنه في الحاصل و هو في الفائت
فإذا أدركه الله بلطفه
و أراد الله أن يطهره من خبائث نفسه بصره ببعض عيوبه فرآها أكبر الأعداء الألداء و أنها هي التي تكبه علي وجهه في النار فاستغاث و لجأ إلي الله في طلب النجاة منها و من شيطانها الذي أخذ بناصيته فيسوقه الله بنور الصدق و العطش إلي طلب الخلاص إلي شيخ كامل بصير بالنفوس و أحوالها فإذا جاءه راغبا محبا تشهد له ذاته بالتعظيم فيصحبه بالاحترام و رؤية الكمال ولا يرى شيخا في عصره أكمل منه . فإن رقيب الالتفات لغيره .
يقول لمحبوب السراية لا تسرى و كثرة الالتفات من المريد توجب التفات قلوب المشايخ عنه
إذ هو أشبه بالمتلاعب فيحرر قلبه تحت ميزاب قلب الشيخ مقابلة و قبولا إلي أن يأمره ببعض العلاجات الأولية
- و منها -
أن يتباعد عن مجالس المتكبرين
- و منها - أن لا يستزيد من الدنيا
- و منها - أن يعرض عن الخلق إقبالا و أدبارا
- و منها - أن يستقبل البلاء بالرضا
- و منها - أن يرضي بالفقر
- و منها - أن لا يفارق شيخه طرفة عين إلا لضرورة شديدة - و منها - أن يحتمل جفاء الشيخ بين الناس - و منها - أن يكون للشيخ لا يخرج عنه شيء البتة - و منها - أن يكون مسلما له - و منها - أن يمتلئ باحترام - و منها - أن لا يعترض عليه و لو بقلبه - و منها - أن لا يكون فيه متسع لغيره
- و منها - أن يخرج حب النسوان من قلبه فمن ركن إليهن لم يفلح قط
- و منها - أن لا يطلب له مقاما عند الخلق - و منها - إذا جلس عند الشيخ لا يشتغل بشيء آخر
- و منها - أن يرى أمر الشيخ واجبا لا يثنيه عنه أحد مهما كان . - و منها - أن يكون كثير الفرح بعيدا عن الحزن و الهم و الغم و الكرب ثم قال رضي الله عنه :
السالك كالمريض لا يدرى تشخيص الداء .
لأنه ليس بطبيب . فإذا طلع طب القلوب .
ربما داوى نفسه بدواء لا يوافق مرضه ، لأنه لم يعرف الداء ، بل ولا عرف تركيب الدواء ، ولا كمية كل منهما ، ولا الزمن ولا الكيفية ولا التحليل ولا التركيب ، ولا ما يطرأ علي المريض في حال تعاطي الدواء ، ولا الحمية ولا السبب ولا الأعراض ، فيقع في غلطات ربما أفضت إلي هلاكه ، أو يصبح الداء عضالاً ، لسبب سوء العلاج حتى إذا فرض أنه طبيب ، فالطبيب لا يداوى نفسه ، بل يحتاج إلي من يداويه ، كما هو مشاهد مشهور إنما تأخذ الطريق ممن كابدها ، وذاق لوعتها ، وسار في مسالكها ، وعرف مهالكها ، والمخوف والمأمون ، والسهل والحزن ، يحملك إذا عجزت ويسايرك ، في طريقك ويرد عنك الغارة ، وفي الجملة تأخذ عنه السير نفساً بنفس ، ومن صدر إلي صدر ، مباشرة ومشاهدة ومكافحة ، فإذا فارقت طبيب القلوب لحظة كنت علي خطر عظيم ، كمن انقطع عن القافلة درجة ، فإنه يكون معرضاً للفتك بأيدي اللصوص وقطاع الطريق
، والضلال في الطريق ، | |
|