السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الامام جابر الجازولى رضى الله عنه
مؤسس الطريقة الجازولية
نسبه الشريف
سيدي جابر بن سيدي حسين بن سيدي أحمد بن سيدي عبد الله بن سيدي سليمان الجازولي بن سيدي يوسف بن سيدي إبراهيم بن سيدي حسن الفاسي بن سيدي حسن بن سيدي علي بن سيدي إبراهيم بن سيدي أبي بكر بن سيدي عبد الجليل الأكبر بن سيدي إبراهيم بن سيدي محمد بن سيدي إسماعيل بن سيدي محمد بن سيدي علي بن سيدي عثمان بن سيدي حسين بن سيدي محمد بن سيدي موسي بن سيدي يحي بن سيدي عيسي بن سيدي
علي بن سيدي محمد بن سيدي حسن العسكري بن سيدي علي الهادي بن سيدي محمد الجواد بن سيدي علي الرضا بن سيدي موسي الكاظم بن سيدي جعفر الصادق بن سيدي محمد الباقر بن سيدنا علي زين العابدين بن سيدنا الحسين بن علي زوج السيدة فاطمة الزهراء بنت أشرف خلق الله سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
ومنذ مهد صباه ظهرت علي سيدي جابر الجازولي رضي الله عنه علامات الولاية وحمل مشاعل الهداية والدعوة للتصوف الإسلامي في عصر كثرت فيه التيارات الفكرية وازدحمت فيه الساحة بالدخلاء والمبتدعين ، فأخذ علي عاتقه ببساطة الأسلوب وصدق التوجه ونقاء السريرة وطهارة اليد والعفة مسئولية الدعوة إلي حب الله محبة خالصة بعيدة عن العلل والأوهام
واستمد في دعوته من الحضرة المحمدية جوهر الدعوة الإسلامية ( ألا لا إيمان لمن لا محبة له ) ، ودعا إلي التصوف تحت شعار أن التصوف هو ممارسة الإسلام كدين وقال رضي الله عنه ( إننا ندعو إلي التصوف الذي يري الحياة جمالا وكمالا وعملا)
وهكذا رأي محبو التصوف في الإمام جابر الجازولي رضي الله عنه ما كانوا ينتظرونه من أئمة التصوف من بصيرة نافذة ورؤيا ثاقبة وفكر مستنير فاضحي قنديلا وضميرا للتصوف في طور عاصف من أطوار تاريخه .
شمائله وصفاته
كان مؤسس الطريقة الجازولية سيدي جابر حسين أحمد الجازولي رضي الله عنه ذو شمائل وصفات تأسر القلب والروح معا ، فكأن يتميز بالسماحة ولين الجانب ، وكان يتصف بالجود الذي بلغ مداه ، يرتدي ثوب المهابة والوقار ، وتظهر عليه علامات الخشوع لله . يجمع في صفاته بين جمال الروح وكمال العقل ، وكان ذو أدب جم ، لا يخاطب أحبابه إلا بكلمة أخ ،
يحنو علي الصغير ويوقر الكبير ، ويحترم العالم ورجل الدين ويتواضع للجميع
ولم يكن إمامنا القطب الغوث الفرد الجامع سيدي جابر الجازولي مجرد مربي روحي ، بل كان أب وأخ وصديق لكل مريديه وأحبابه . فلم يكن يغادر مجلسه حتى يستمع إلي حاجة كل منهم ويناقشهم في أمور دنياهم ودينهم ، ويعاونهم علي اختيار ما يصلح لهم من أمور الدنيا والدين
ساند رضي الله عنه الضعيف ، ووقف بجانب المحتاج وواسي اليتيم ، ومسح دمعة الحزين ، وشجع التفوقين في دراستهم .وحفز العاملين لما ينفع الوطن والدين
كان في سفره من أجل نشر دعوة الطريقة الجازولية إلي حب الله كان قليل النوم ، قليل الطعام ، كثير العبادة والذكر والسهر ، لا يأكل طعاما قبل أن تأكل أحبابه ، ولا يشرب إذا عطش أحبابه ولا ينام في سفره إلا إذا اطمأن علي أماكن مبيت أحبابه ، كان يعطي ولا يأخذ مؤمنا وموقنا بحديث جده سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ( اليد العليا خير من اليد السفلي ) كان سيدنا جابر الجازولي رضي الله عنه وأرضاه عاشقا للحكمة مولعا بها ، دمث الخلق وكريم الطباع ، يزيده التواضع رفعة ، وكان لبق الحديث يديره بمهارة فائقة ، يشرح مفاهيم التصوف شرح الخبير بأصوله وفروعه في بيان فياض وقوة وحجة حتى إنه ليرغم مستمعيه علي الإنصات التام ويجتذب قلوب جلسائه نحو بيانه وحديثه حتى امتد تأثيره إلي جميع المستويات الفكرية والثقافية .
عبقرية الإمام جابر الجازولي في الدعوة الصوفية
وصفه كثير من المتابعين للتصوف بأنه صاحب العبقرية ( عبقرية الدنيا وعبقرية الآخرة ) فكانت مقوماته في دعوته للتصوف ليست الكلمة فحسب ، بل زاد عليها دفاعا عمليا بأن أوجد علي الساحة الصوفية فئة جديدة تطبق المفاهيم الصوفية الإسلامية بطريقة لايمكن أن ينكرها عقل أو يرفضها ذوق ، فقدم للتصوف طريقته الجازولية التي أصبحت مفخرة للتصوف ووسام يضعه التصوف علي صدره فإذا نظرت إلي أبناء طريقته في حضرا تهم أو مسيراتهم تجدهم وحدة واحدة في الملبس والحركة والذوق الصوفي الرفيع وإذا استمعت إلي إنشادهم كأنك تستمع إلي أصوات ملائكية بألحان سماوية .
وكان الإمام جابر الجازولي رضي الله عنه يؤكد أنه لا حقيقة بدون شريعة ولا شريعة بدون حقيقة ، وأن تقوي الله هي الأقوى في الوصول إليه وأكد أن كل علم من علوم الدنيا يحتاج إلي علم التصوف كما قال ( أن التاجر في متجره والصانع في مصنعه والطالب في مدرسته ، الكل يعمل وهو يعلم علم اليقين أن الله يسمعه ، كما يعلم أن الله هو الرزاق وواهب الحياة
ولأنه يعلم أن التصوف ليس مجرد فلسفة تتوارثها الأجيال بل هو أخلاق وسلوك وبوتقة تنصهر فيها هذه الفلسفة حتى تظهر في قالب عملي لذلك لم يتفرغ لكتابة الكتب ولكنه كتب بعض الرسائل والحكم التي يستعين بها مريده في طريقهم وسلوكهم إلي الله ، وكذلك بعض القصائد التي تبين حال الشيخ ومقامه في صورة سهلة تعين السالك علي معرفة أحوال القوم ، وقد كانت كلماته رضي الله عنه ولازالت مصابيح هدي لمن أراد سلوك التصوف
فلسفته في التربية الصوفية
كان الإمام الجازولي رضي الله عنه وأرضاه يري" أن التصوف ليس زهدا في الحياة وهروبا منها كما يفهم البعض ولكنه فلسفة حياة يثريها وينميها "
و يقول في احدي رسائله ( لقد أطلق الإسلام الجانب الروحي في كل حياة الإنسان في عمله وعبادته ، فالتصوف هو الأريج المنبعث من الزهرة الإسلامية المتفتحة اليانعة ، لذا كان التصوف هو الطريق إلي السلام وهو الطريق إلي الحب هو الطريق إلي الله " وقال أيضا : وتصوف طريقتنا الجازولية تصوف روحي خالص يراقب الله في كل شئ ويخشاه فالتاجر في متجره والصانع في مصنعه الكل يعمل وهو يعلم علم اليقين أن الله يسمعه ويراه كما يعلم أن الله هو الرزاق وواهب الحياة
وكان رضي الله عنه وأرضاه يعلم أحبابه أن الكرامة ليست أن تطير في الهواء أو أن تمشي علي الماء ولكن الولاية أن توجد لك أخا في الله فقد كان يسعى لتحقيق المعاني السامية للأخوة الإسلامية الصادقة .
ولقد جذبت مفاهيمه وآرائه في التصوف الكثير من الناس فجلس أمامه وفي حضرته الأستاذ الجامعي والطبيب والمهندس والمحامي والعامل والمزارع ، الكل سواسية لا فرق بينهم إلا في الأخلاق فمن زاد عليك خلقا زاد عليك تصوفا .
كل ما تعلمه الإمام جابر الجازولي مارسه تحقيقا ويقينا وسلك كل دروبه بمعرفة وآمن أن التصوف ليس لبس المرقعات ، وغيبة العقل ، وانفصال عن الحياة ولذلك حارب رضي الله عنه منذ صباه هذه المظاهر التي أخذت علي التصوف وهو منها براء ذلك لأنه آمن أن التصوف نظيف وأن نظافة الباطن لابد لها من نظافة في الظاهر .
كذلك نبذ الإمام جابر الجازولي الأفكار التي أساءت للتصوف من أفعال وأقوال لا تمت إلي التصوف بل ولا تمت إلي الإسلام في شئ . وكانت سيرة سيدي أبي الحسن الشاذلي هي القدوة التي استنار بها الإمام جابر الجازولي والمنهج الذي سار عليه والذي اختاره لطريقته حيث كان الإمام الشاذلي يرتدي أفخر الثياب ويمتطي خير الجواد فرأي الإمام جابر الجازولي في هذا المنهج بعدا عن التسول وهجرا للخلوات وجهادا في الحياة .
وهكذا دعا الإمام جابر الجازولي إلي تصوف أبيض من غيره سوء " بياض في الثياب ـ بياض في اليد ـ بياض في القلب ـ وصفاء في السريرة
وكانت حياة الإمام جابر الجازولي سلسلة من الجهاد المتواصل في طريق الدعوة إلي الله فكم جال البلاد لينشر دعوة آمن بها وعاش من أجلها دعوة الحق " لا إله إلا الله محمد رسول الله " خير ما قيل وما يقال إلي يوم القيامة وهي الدعوة التي ظل يدعو بها طيلة حياته
كان الإمام جابر الجازولي رضي الله عنه وأرضاه يحث أبناءه دائما ويدلهم علي طريق الحق والحرية ـ فحرية الصوفي كما عرفها الجازولي " هي مطلبه الأسمى مطلب الرجال الذين ولدتهم أمهاتهم أحرارا الذين لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ... والحرية عند الصوفي هي مطلبه الأسمى الذي يعمل له ويفني فيه ...
وطريق الحرية محفوف بالمكاره والعقبات فمن تخطي ذلك كان حريا أن يكون حرا " والحرية كما يراها الإمام جابر الجازولي هي " التحرر من أسر الشهوات ومطالب العادات والصوفي الحر هو الذي كملت فيه أخلاقه وسلوكه غير معاتب علي شئ ولا مجادل في شئ لا يملك ولا يملك . والحرية لها رشحات في إناء البشرية من العلم والحلم والأخلاق فإذا ظهر ذلك علي إنسان فهذا هو الصوفي الذي صدق في تصوفه وانصرف بكليته إلي مولاه فلا فظاظة في اللسان ولا غلظة في القلب "
هكذا شق الجازولي طريقه في خضم الحياة وأرسي قواعد تصوفه علي أنه فلسفة حياة يثريها وينميها ووضع تعاريفا جديدة للتصوف ... وللصوفي فقال " إن التصوف هو التحرر من أسر الشهوات ومطالب العادات " وعرف الصوفي بأنه " هو الذي لا تؤثر فيه عادة ولا تستهويه سيادة محبا ومحبوبا طالبا ومطلوبا "
وفاته
وقد عاش رضي الله عنه من العمر 79 عاما قضاها داعيا إلي الله حتى اختاره الله إلي جواره في الثامن من أكتوبر 1992 ـ 11 ربيع الآخر 1413 ه وترك كنوزا من المعارف الربانية ، وآدابا صوفية في صورة أحباب الطريقة الجازولية
وكان يؤكد علي الصحبة والأخوة ، فكان يقول ( أن الولاية ليست أن تطير في الهواء أو تمشي علي الماء ولكن الولاية أن توجد لك أخا في الله ) وقال في حكمته ( وألف إن رأيت الفا واصحبه وإن لم يكن بك نسيب ) ،