إيقاظ الهمم شرح متن الحكم
ابن عجيبة
وقيل التصوف مبني على ثلاث خصال التمسك بالفقر والافتقار. والتحقق بالبذل والإيثار وترك التدبير
والاختيار وقيل الاخذ بالحقائق. والا ياس مما في أيدى الخلائق. وقيل ذكر مع اجتماع. ووجد مع
استماع. وعمل مع اتباع وقيل الأنافة على باب الحبيب وأن طرد. وقيل صفوة القرب. بعد كدرة البعد.
وقيل الجلوس مع الله بلاهم وقيل هو العصمة عن رؤية الكون والصوفى الصادق علامته ان يفتقر بعد الغني
ويذل بعد العز ويخفي بعد الشهرة وعلامة الصوفي الكاذب أن يستغني بعد الفقر ويعز بعد الذل ويشتهر
بعد الخفاء قاله أبو حمزة البغدادي وقال الحسن بن منصور الصوفي واحد في الذات لا يقبله أحد ولا يقبل
أحداً وقيل الصوفي كالأرض يطرح عليه كل قبيح ولا يخرج منه الا كل مليح ويطؤه البر والفاجر وقالوا
من أقبح كل قبيح صوفي شحيح وقال الشبلي الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق لقوله تعالى
واصطنعتك لنفسي ثم قال أيضا الصوفية أطفال في حجر الحق وقيل الصوفي لا تقله الأرض ولا تظله
السماء يعني لا يحصره الكون وقال الشيخ زروق رضى الله عنه قد حد التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ
نحو الالفين ترجع كلها لصدق التوجه إلى الله تعالى وإنما هي وجوه فيه والله اعلم ثم قال والاختلاف في
الحقيقة الواحدة أن كثر دل على بعد ادراك جملتها ثم هو أن رجع لأصل واحد يتضمن جملة ما قيل فيها
كانت العبارة عنه بحسب ما فهم منه وجملة الأقوال واقعة على تفاصيله وأعتبار كل واحد على حسب
مثاله علماً وعملاً وحالاً وذوقاً وغير ذلك والاختلاف في التصوف من ذلك فمن أجل ذلك الحق الحافظ
أبو نعيم رحمه الله بغالب أهل حليته عند تحلية كل شخص قولاً من أقوالهم يناسب حاله قائلاً وقيل أن
التصوف كذا فأقتضى أن كل من له نصيب من صدق التوجه له نصيب من التصوف وأن تصوف كل
أحد صدق توجهه
فأفهم اه وقال أيضاً قاعدة صدق التوجه مشروط بكونه من حيث يرضاه الحق تعالى وبما يرضاه ولا يصح
مشروط بدون شرطه ولا يرضى لعباده الكفر فلزم تحقيق الايمان وأن تشكروا يرضه لكم فلزم العمل
بالاسلام فلا تصوف الا بفقه اذ لا تعرف أحكام الله تعالى الظاهرة إلا منه ولا فقه ألا بتصوف اذ لا
عمل الا بصدق توجه ولاهما ألا بايمان أذ لا يصح واحد منهما بدونه فلزم الجمع لتلازمهما في الحكم
رحمه الله من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق. ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق. ومن جمع بينهما فقد
كتلازم الأرواح للأجساد أذ لا وجود لها ألا فيها كما لا كمال لها أي للأشباح ألا ا ومنه قول مالك
تحقق قلت تزندق الأول لأنه قائل بالجبر الموجب لنفي الحكمة والأحكام وتفسق الثاني لخلو علمه عن
صدق التوجه الحاجز عن معصية الله وعن الأخلاص المشروط في الأعمال وتحقق الثالث لقيامه بالحقيقة في
عين تمسكه بالحق فاعرف ذلك اذ لا وجود لها إلا فيها كما لا كمال له الا به فأفهم اه وأما موضوعه
فهو الذات العلية لأنه يبحت عنها باعتبار معرفتها أما بالبرهان أو بالشهود والعيان فالأول للطالبين والثاني للواصلين وقيل موضوعه النفوس والقلوب والأرواح لأنه يبحث عن تصفيتها وذيبها وهو قريب من
الأول لأن من عرف نفسه عرف ربه وأما واضع هذا العلم فهو النبي صلى الله عليه وسلم علمه الله له
بالوحي والإلهام فترل جبريل عليه السلام أولاً بالشريعة فلما تقررت نزل ثانياً بالحقيقة فخص ا بعضاً
دون بعض وأول من تكلم فيه وأظهره سيدنا على كرم الله وجهه وأخذه عنه الحسن البصري وأمه أسمها
خيرة مولاة لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه مولى زيد بن ثابت توفي الحسن سنة عشر
ومائة وأخذه عن الحسن حبيب العجمي وأخذه عن حبيب أبو سليمان داوود الطائي توفي سنة ستين
ومائة وأخذه عن داوود أبو محفوظ معروف بن فيروز الكرخي رضي الله عنه وأخذه عن معروف
الكرخي أبو الحسن سري بن مغلس السقطي توفي سنة إحدى وخمسين ومائة وأخذه عن السري أمام
هذه الطريقة ومظهر أعلام الحقيقة أبو القاسم محمد بن الجنيد الخزار أصله من اوند ومنشؤه العراق تفقه
على أبي ثور وصحب الشافعي فكان يفتى على مذهب أبي ثور ثم صحب خاله السري وأبا الحارث
المحاسبي وغيرهما وكلامه وحقائقه مدون في الكتب توفي رضي الله عنه سنة سبع وتسعين ومائتين وقبره
ببغداد مشهور يزار ثم انتشر التصوف في أصحابه وهلم جرا ولا ينقطع حتى ينقطع الدين ومن رواية
أخرى أخذه عن سيدنا علي رضي الله عنه أول الاقطاب سيدنا الحسن ولده ثم عنه أبو محمد جابر ثم
القطب سعيد الغزواني ثم القطب فتح السعود ثم القطب سعد ثم القطب سعيد ثم القطب سيدي أحمد
المرواني ثم إبراهيم البصري ثم زين الدين القزويني ثم القطب شمس الدين ثم القطب تاج الدين ثم القطب
نور الدين أبو الحسن ثم القطب فخر الدين ثم القطب تقى الدين الفقير بالتصغير فيهما ثم القطب سيدي
عبد الرحمن المدني ثم القطب الكبير مولاى عبد السلام بن مشيش ثم القطب الشهير أبو الحسن الشاذلي ثم
خليفته أبو العباس المرسى ثم العارف الكبير سيدي أحمد بن عطاء الله ثم العارف الكبير سيدي داوود
الباخلي ثم العارف سيدي محمد بحر الصفا ثم العارف ولده سيدي على ابن وفا ثم الولي الشهير سيدي
يحيى القادري ثم الولي الشهير سيدي أحمد بن عقبه الحضرمي ثم الولي الكبير سيدي أحمد زروق ثم سيدي
ابرهيم أفحام ثم سيدي على الصنهاجي المشهور بالدوار ثم العارف الكبير سيدي عبد الرحمن اذوب ثم
الولي الشهير سيدي يوسف الفاسي ثم العارف سيدي عبد الرحمن الفاسي ثم العارف سيدي محمد بن عبد الله ثم العارف سيدي قاسم الخصاصي ثم العارف سيدي أحمد بن عبد الله ثم العارف سيدي العربي بن
عبد الله ثم العارف الكبير سيدي على بن عبد الرحمن العمراني الحسني ثم العارف الشهير شيخ المشايخ
سيدي ومولاي العربي الدرقاوي الحسني ثم العارف الكامل المحقق الواصل شيخنا سيدي محمد بن أحمد
البوزيدي الحسني ثم عبد ربه وأقل عبيده أحمد ابن محمد بن عجيبة الحسني ثم عنه خلق كثير والمنة لله
العلي الكبير.