الهبرى عضو ذهبى
عدد المساهمات : 768 نقاط : 11938 التفاعل مع الاعضاء : 16 تاريخ التسجيل : 09/09/2011 العمر : 40 الموقع : ( فقير على باب الله )
| موضوع: سيدي بن عجيبة الحسني السبت مارس 16, 2013 11:24 am | |
| هو سيدي أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الشريف الحسني العلامة الامام الصوفي العارف المفسر ، صاحب الصيت والشهرة في المشارق والمغارب ، ذو التآليف الكثيرة والمآثر العديدة ، من الشخصيات البارزة المشهورة في العالم الاسلامي ، وخاصة بين الأوساط الصوفية .
ولد بقرية أعجبيش من قبيلة حوز تطوان ، وذلك سنة 1160 هـ أو 1161هـ ، وبها نشأ وحفظ القرآن الكريم ، وعندما جوده وأتقنه وحفظ عدة متون علمية التحق لطلب العلم بالقصر الكبير بعد أن كان قرأ بعض مبادئ أيام قرآءته للقرآن الكريم ، وبقي بالقصر مدة سنتين ، ثم رحل لتطوان فتابع دراسته على كبار علمائها كالعلامة أحمد الرشتي والشيخ عبد الكريم بن قريش والفقيه محمد بن علي الورزازي والعلامة محمد بن الحسن الجنوي العمراني وغيرهم.
واجتهد وكشف عن ساق الجد وانقطع للدراسة انقطاعآ كليآ حتى حصل ما لم يحصل غيره من العلوم والفنون من نحو وصرف وبيان ومنطق وكلام وفقه وتفسير وحديث وتصوف وأصول وغيرهما ، ثم رحل لفاس عاصمة المغرب في العلوم الاسلامية فتابع دراسته العليا بها وتبرك برجالها وصالحيها ، فحضر الى الشيخ التاودي بن سودة والشيخ محمد بنيس والشيخ الطيب بن كيران وغيرهم ، ثم رجع قافلآ لتطوان فانقطع للعبادة ولزم الخلوة والعزلة ، وعمر أوقاته بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صل الله عليه وسلم حتي ربما ختم القرآن في الشهر أربعة عشر مرة ويصلي الضحى بنحو خمسة عشر حزبآ من القرآن الكريم .
وكان اذا أكثر من الصلاة على رسول الله صل الله عليه وسلم ظهرت له قصور وزخارف وأنوار فيعرض عنها ، وكان في هذه الفترة قد قرأ عدة روايات كالقالون والبصري والمكي وغيرها .
وكان لا يحفظ لوح القراءة حتى يطالع التفسير ليقف على معاني كتاب الله تعالى ، وكان تارة يتعبد بضريح سيدي أبي عبد الله الفخار ، ومرة بضريح سيدي طلحة الدريج .
وكان قد عزم على بيع كتبه ومطبوعاته للتعبد بضريح القطب ابن مشيش فرأى سيدي طلحة في منامه فشاوره في ذلك فأمره بالرجوع لقرآءة العلم ، فرج لفاس للمرة الثانية ولكنه مع ذلك لم ينشرح صدره لطلب العلم لاستغراق قلبه في الله ، ثم رجع لتطوان فتصدي للتدريس ونفع الطلبة وافادة الواردين ، فمكث على ذلك مدة من خمس أو ست عشرة سنة وهو على حالته من العبادة والزهد والانقطاع الى الله تعالى والاستقامة الكاملة ، وقد انتفع به في هذه البرهة من الزمان خلق كثير ، حتي كان جل علماء تطوان من تلاميذته وحصلت له في هذه الفترة عدة تأييدات وكرامات ، وهو بعد لم يدخل في أي طريق من طرق القوم حياهم الله تعالى .
ثم رحل لفاس لزيارة من بها من اشياخه وصلحائها ، فمر في طريقه عند رجوعه على بني زروال فزار القطب مولاى العربي الدرقاوي وتلميذه العارف بالله سيدي محمد البوزيدي رضي الله عنه ، فبجرد ما لقي البوزيدي وهو أول من لقيه قال له : "جعلك الله كالجنيد يتبعك أبع عشرة مئة مرقعة" ، فطلب منه الدعاء ، فقال له : والله ليكونن لك أمر عظيم والله ليكونن لك شأن عظيم ، ثم قال له : والله لتكونن جامعآ بين الحقيقة والشريعة .
أما مولاي العربي فقال له عندما لقيه : جعلك الله كالجيلاني ، فقال له البوزيدي : قد قلت له كالجنيد ، فقال : يجمع بينهما ان شاء الله ، ثم لما قدم لبلاده انقلبت أحواله ووجد في نفسه قوة عظيمة وحالة لم يكن يحس بها من قبل ، ثم صار شيخه البوزيدي يرسل اليه أن اقدم الينا فان حاجتك عندنا ، ويقسم للناس على ذلك ، لكنه لم يقدر له القدوم عليه حتى قدم البوزيدي لتطوان ،فلقنه الورد له سيدي أحمد بنفسه ، وقال له : افعل بي ماشئت ومرني بما شئت ، فبارك عليه وقال لأصحابه : ان أصحاب سيدي أحمد أصغرهم مثل الجنيد ، وسيدي أحمد متصف بالزهد والورع والتوكل والصبر والحلم والرضا والتسليم والشفقة والرحمة والسخاء والكرم ، وعد له عدة مقامات ، فقال له سيدي أحمد : وهذا هو التصوف ، فقال له سيدي البوزيدي : هذا تصوف أهل الظاهر ، وبقي تصوف أهل الباطن ستعرفه ان شاء الله .
ولذلك فان سيدي أحمد بن عجيبة رضي الله عنه مع ماكان عليه من صلاح ظاهر بالتخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل واتصافه بأوصاف عالية وأخلاق سامية ، فقد كانت فيه بقايا من علل نفسانية ، وعلى الأخص فيما يتعلق بالرياسة العلمية والجاه بين الأوساط التطوانية .
فأمره شيخه برياضة نفسه ومجاهدتها من جديد وتخريب الظاهر واسقاط المنزلة بين الأقران والمعارف ، واذلال النفس وتهذيبها وقتلها والقضاء على ما بقي من بقايا أوصافها ليتسني له التأهل لمعرفة الله عز وجل والدخول لحضرته .
فأمره أولآ بلبس المرقعة والزهد في الدنيا واخراج كل ما فضل عن قوت اليوم أو يومين لأهله والتصدق به على مستحقيه ، فخرج عن ماله وباع كل ماكان يملكه حتى خزانة كتبه باعها وأنفقها على شيخه ، وأمره بخدمة الفقراء واطعامهم من عنده من غسل ثيابهم ثم أمره بكنس السوق وحمل الأزبال على أكتافه ورميها خارج المدينة، وأمره بلبس الجراب في عنقه وربما علق في عنقه سبع جرابات ، وكان أيام الحفلات والمواسم العامة والاجتماعات يأخذ قربة ماء ويدور بها على الناس فيسقيهم ويطلب منهم أجرة ذلك تظاهرآ منه ورغبة في الدنيا ، ثم يدفع مايجمعه على صاحب القربة أو غيره ، وأمره بالسؤال فكان يجلس بأبواب المساجد مع الفقراء والعميان والنسوان ويمد يده للناس مع الالحاح ومعارفه وتلاميذته يغطون وجوههم وينفرون حياء منه ، وأمره بركوب الحمار والتجول عليه في الأسواق والشوارع ، فكان يقصد ويتعمد المرور على خصوم الفقراء وأهل الانتقاد ، ومن يعضمه من أقاربه وتلاميذته ليستخرج منهم ما يقتل به نفسه ، ولما طال هذا الأمر عليه استأذن شيخه في العزلة والصمت فأمره بلزوم السوق يومآ بيوم فكان يظل به طول نهراه مرة قاعدآ وتارة نائمآ .
وهكذا بقي في هذه المجاهدات والرياضات حتي قتل نفسه وهذبها وأصبحت طوع يده ذليلة خاضعة لأوامره ليس لها سطوة ولا عظمة ولا نخوة بعد أن كانت تصول وتجول وتعظم وترفع وتقدر وتحترم ، وقد كان قبل ذلك لا يمر بطريق الا تساقط الناس عليه للتبرك به وتقبيل يده لأنهم كانوا يظنون به الولاية العظمى والصلاح التام غير أن هذه الرئاسة والعظمة لا تليق بالعبودية ، ولذلك توجه شيخه الطيب البوزيدي لتحطيمها وقلع جذورها من قلبه وباطنه ، فان ذلك صنم خفي يعبده كل العظماء من علماء وغيرهم . أعاذنا الله وأجارنا من ذلك.
وبعد أن فتح الله تعالى عليه الفتح الأكبر وطرق وطرق باب الحقيقة ، كما أخبر عن نفيه ، خرج بامر شيخه للسياحة وارشاد الناس وتذكيرهم وتلقينهم الأوراد ، فتجول في كثير من قبائل المغرب حتى بلغ الرباط وسلا ، ودخل معه في الطريق من كل قبيلة ما لا يحصون لكثرته ، ولكن الحسدة وخصوم الصوفية لم يزالوا ولا يزالون يقاومون السائرين الى الله تعالى ويعاكسونهم ويأذونهم في كل زمان ومكان ، فبمجرد ما ظهرت الطريق بلرشادات سيدي أحمد بن عجيبة وانتشرت قام أعداء القوم فوشوا بهم للحكومة الحالية في وقتهم ورموهم بفضائع وأكاذيب فسجن حبيبنا ابن عجيبة وأخوه سيدي المهدي وكل فقراء تطوان ومكثوا بالسجن مدة كانت أيامهم أعيادآ ، وانقلب السجن زاوية ودخل السجناء كلهم في الطريق وتابوا الى الله على يد سيدي ابن عجيبة رضي الله عنه ثم أفرج عنهم بعد أن أرغمتهم السلطة بالرجوع عن الطريق ، وأقاموا عليهم شهادة ذلك ثم أخرجوهم من زاويتهم بتطوان وأقفلوها ، فكان هذا الحادث من الأسباب التي تركت سيدنا ابن عجيبة يغادر مدينة تطوان التي قضى فيها زمنآ غير قليل في الدراسة والتدريس ، ومن ثم في عباداته ومجاهداته.
فها هو الآن يتركها ويهاجر للبادية فيذهب أولآ لبني سعيد فيبني بها دارآ ويسكنها برهة من الزمن ، ثم يذهب لأنجرة فيبني دارآ أخري بالزميج ، ولكنه وقف أمامه في هذه الأخيرة سكان القرية الزميج حجر عثرة فمنعوه كذلك من السكني ، بل أحرقوا داره ونهبوا كل ما فيها من أمتعة وفراش ، وقلعوا ماكان قد غرسه من أشجار .
ولكن هذا الامتحان الذي كثيرآ ما يصاب به الأكابر من أهل الفضل لم يؤثر في عزم مولانا ابن عجيبة ، بل سكت تحت مجاري الأقدار وصبر واحتسب .
ولم يمض غير أيام قلائل حتى بدل الله تعالى عامل طنجة الذي كان في صف خصومه ، ووضع آخر بدله فانقلب الجلال جمالآ وأفرج عن اصحابه ، فعمر داره بالزميج واتخذها مقرآ لبعض أزاوجه وبنيه ، كما كان له مثلها ببني سعيد ، ولا يزال بكل القبيلتين أولاده رضي الله عنه .
وكان قد اجتمع له أواخر عمره أربع نسوة وكان له من الأولاد نحو تسعة .
مؤلفاته :
ولسيدنا بن عجيبة مؤلفات وآثار كثيرة لا تخلو من الفوائد رائقة وتحقيقات فائقة ، فله شرح على الهمزية والبردة ، وشرح الوظيفة الزروقية والحزب الكبير للشاذلي ، وشرح أسماء الله الحسني ، وشرح المنفرجة ، وشرح تائية الجعيدي ، وتأليف في الأذكار النبوية ، وتآليف في القرآءات ، وطبقات الأعيان ، وشرح الحصن الحصين ، وشرح الحكم العطائية ، وشرح المباحث الأصلية ، وشرح الصلاة المشيشية ، وشرح تائية شيخه ورائيته ، وشرح الفاتحة ، والبحر المديد في التفسير بالاشارة مع عبارات أهل الظاهر ، وشرح نونية الششتري وحقائق التصوف ، وشرح الأجرمية بالاشارة ، وله قصائد وتوشيحات ضمنها فهرسته .. وعلى كل حال فهو من محاسن علماء الصوفية وأئمتهم .
بعض مناقبه :
لهاذا البحر العظيم مناقب جمة وكرامات هامة ، فأعظمها الاستقامة ، فقد أخبر عن نفسه أنه نشا في عفة ورعاية وحفظ ، وأنه حفظ من جميع المعاصي الكبار ، وأنه لم يترك يومآ ما الصلاة في غير وقتها منذ عقل ، وأنه نشأ وشب في رعاية الله تعالى ، ولم يصبه ما أصاب الشباب ، بل كان وهو لا يزال يطلب العلم يتهجد ويحي الليل بالقرآن في الصلاة مع الانقباض عن الناس والعزلة والوحدة ،وقد أخبر عن نفسه فقال : وقد التقيت الحضر عليه السلام في مقصورة جامع الجعيدي ، أخذتني غيبة فرأيته رجلآ ضخمآ كبير اللحية فقرب مني حتي مس شعر لحيته وجهي ، وتكلمت معه كلامآ غاب عني اليوم .
قال : وقد كنا في بعض الأسفار ننزل بالأذن من الله ونسافر بالأذن صريحآ .
وقال : وكل من فهم عن الله حصل له التوحيد الخاص نال هذا المقام ....الخ .
وأخبر عن نفسه انه ذهب مرة لزيارة أمه على طريق الجبل فدخل وقت الصلاة ولم يجد ماء فقال في نفسه : كانت الأولياء ترى الكرامات كنبع الماء وغيره ، اللهم ارزقني ماء أتوضأ به ، قال : فسمعت صوت الماء فوق الطريق فعدلت فاذا ماء ينزل فتوضأت وصليت وانصرفت ، ولما بلغت لذلك الموضع لم أجد للماء أثرآ .
توفي رضي الله عنه يوم الأربعاء سابع شوال سنة 1224 هـ ، رحم الله الجميع ورضي عن سيدنا أحمد بن عجيبة وشيخه وشيخ شيخه وساداتنا مشايخ السلسلة الذهبية ونفعنا بمحبتهم وحشرنا معهم في زمرة الحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم .
| |
|
نوران مشرف عام
عدد المساهمات : 995 نقاط : 11642 التفاعل مع الاعضاء : 19 تاريخ التسجيل : 21/08/2012
| موضوع: رد: سيدي بن عجيبة الحسني الأحد مارس 17, 2013 12:41 pm | |
| بارك الله فيك اخي الهبري لقد تعطرالمتصفح بدكر سيدي احمد بن عجيبة | |
|
الهبرى عضو ذهبى
عدد المساهمات : 768 نقاط : 11938 التفاعل مع الاعضاء : 16 تاريخ التسجيل : 09/09/2011 العمر : 40 الموقع : ( فقير على باب الله )
| موضوع: رد: سيدي بن عجيبة الحسني الأحد مارس 17, 2013 2:16 pm | |
| وبارك الله فيك أختي نوران وأسعد الله عيشك وأيامك ببركة الصالحين يارب
وسلام على سيدنا بن عجيبة فى الصديقين والنبيين ببركته ومدده الى يوم الدين | |
|
رابعه المصرية مشرف عام
عدد المساهمات : 2051 نقاط : 18958 التفاعل مع الاعضاء : 45 تاريخ التسجيل : 06/11/2010
| موضوع: رد: سيدي بن عجيبة الحسني الإثنين مارس 18, 2013 11:42 am | |
| الله الله الله
ما اجملها من رحلة اثيرية الي رحاب الاكابر ..سيدي بن عجيبة الحسني قدس الله سره
جزاك الله كل خير سيدي الهبري ..واسمح لي بتلك الصورتان لمقامه الشريف رضي الله عنه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد الثلاثاء مارس 19, 2013 1:19 pm | |
| استفدنا كثيرا بهذا الموضوع الطيب عن سيدي احمد بن عجيبة من اكابر العارفين بالله رضي الله عنه وعن جميع اوليائه من بداية الخلق الى نهايته
جزاك الله كل الخير اخي الهبري
|
|
الهبرى عضو ذهبى
عدد المساهمات : 768 نقاط : 11938 التفاعل مع الاعضاء : 16 تاريخ التسجيل : 09/09/2011 العمر : 40 الموقع : ( فقير على باب الله )
| موضوع: رد: سيدي بن عجيبة الحسني الثلاثاء مارس 19, 2013 2:28 pm | |
| الله يبارك فيك أختي وينعم عليك | |
|