المحبة للمصطفى المدير العام
عدد المساهمات : 5852 نقاط : 34082 التفاعل مع الاعضاء : 15 تاريخ التسجيل : 18/09/2010 العمر : 75 الموقع : النور المحمدى
| موضوع: ..من الشيخ نشأت لسيدي الشيخ بلقايد..رحلة ثلاثثة عشر عاما الجمعة يوليو 22, 2016 3:31 pm | |
| . من الشيخ نشأت لسيدي الشيخ بلقايد..رحلة ثلاثثة عشر عاما كان الصوت – كالعادة عاليا مستفزا مزعجا ..لكنه هذه المرة كان اكثر مما سبق ، فدفعني الفضول لأعرف من صاحب هذاالصراخ ..فتحت قناة (الحوار) – و التي لا أدري عن أي حوار تتكلم صراحة ! – فوجدتمن يخطب هو نشأت أحمد ..يا للزمن و للأيام التي مرت سراعا ! ... لعلني عدت في تلك اللحظة ثلاثة عشر عاما ..كنت خريجا جديدا ..شابا كنتفي مقتبل حياتي ، و كان اليوم يوم عيد ..نزلت بسيارتي باحثا عن مسجد أصلي فيه صلاةالعيد عازما أن أصلي في مسجد آخر غير مسجد رابعة العدوية لأني – كما قلت لصديققابلني في الطريق – قد مللت الخطب الأزهرية المكررة ، فوجدت حاله كحالي و ركب معيو هو يقول أنه يعرف مسجدا يقال أن به خطبا جيدة.." أين يا صديقي ؟"قال لي : سمعت عن شيخ اسمه نشات أحمد في مسجد الهدي الواقع خلف السلاببمكرم عبيد" هيا بنا إذن "كانت المصلون – الملتحون أغلبهم - مفترشين للشارع أمام المسجد فيانتظار الشيخ الذي وصل متأخرا محييا لجماهيره بابتسامة هادئة ..ملابسه البيضاءكانت جديدة على عيني..بدأ الخطبة بصوت هادئ مختلط بنبرات باكية ..موضوع الخطبة عن خالد بنالوليد و فتوحاته..دقائق ثم بدأت نبرة صوته في العلو مع دخول السرد التاريخي في مراحلالقتال و عبقرية خالد ..انتهى منذ زمن الصوت الهادئ و الشيخ الآن في قمة الأداء والانفعال الذي انتقل إلينا و نحن نتحسر على خيبتنا و هزائمنا الحالية ..لم يعد لناأي مجد ..لم يعد هناك (جهاد) لعدو ..شعرت بأني قد وجدت أخيرا شيخا يقول غير ما أسمعه من خطب (مملة) لاتتغير في جامع رابعة العدوية..سرده لحكاية خالد بن الوليد كانت عبقرية و نجح تماما في أن يأسرني رغمصوته العالي الصاخب الذي بطبيعة الحال يتنافر مع طبعي الرافض للأصوات العالية و لما انتهت الخطبة كان تغييرا قد بدأ في السريان بنفسي..نظرت حوليفإذا الكل ملتحي..في تلك اللحظة تمنيت لو أن لي لحية بدلا من تلك السكسوكة لأشعربتلك (العزة) التي حتما يشعرون بها ..الجمعة التالية ذهبت لأستمع له و التي تليها و التي تليها و صرت بلاإرادة من محبيه و مريديه..لا ..ليست خطب جمعة فقط بل هناك دروس كل يوم أو يومين ..كان هذا جديدا عليّ .. رغم أن مسجد رابعة كان فيه أيضا دروسا يومية ولكن الشيخ لم يكن عنده الجديد مثل ما وجدته عند الشيخ نشاتو هكذا مرت الأيام و بدأت لحيتي في الظهور..كنت أشعر بالارتباط بتلكالوجوه التي أقابلها في المسجد ..مع الوقت صارت لي (شلة) من (الأخوة)بدأت (مفاهيم )السنة تدخل حياتي ..اللحية ..الجلباب الأبيض ..نعم فيالبداية كنت حريصا على أن تكون لحيتي مهذبة و يكون جلبابي أنيقا و ليس قصيرا مثلالباقين ..لم أكن قد صرت (ملتزما ) مثلهم بعد ..كنت (مقصرا ) في عدم (تقصيري)للثياب مثلهم متأثرا بمحاولتي الحفاظ على (مظهري) ثم حدث أول احتكاك مع والدي ..لواء الجيش السابق الذي كان قائداللمهندسين في حرب أكتوبر..المقاتل الذي جاهد بحق في حرب التحرير..الرجل الصارمالحنون لأول مرة يحتك بي بهذا الشكل..يأتيني يوما في غرفتي و انا على فراشي أقرأ كتابا عن حكم الموسيقىمثلا ..يبدأ الكلام معي بهدوء متسائلا عن تلك اللحية التي بدأت تكون شعارا لي..كان يتحسس طريقه إلى عقلي – الذي صار غريبا عليه – بحذر شديد ..القائد العسكري المسكين فوجئ بهذا الذي يخاطبه بشدة لم يعتدها أبدا منابنه ..فوجئ بمن يكلمه عن فرضية اللحية و كيف أن الأصل هو هذا و ليس العكس !القائد العسكري خسر ساعتها تلك الجولة بقلب منكسر ..انتهت الأغاني من حياتيزاد (التزامي) و (قصر ) ثوبي أحرقت كل الأشعار الرومانسية التي كتبتها يوما و نشرت في جريدةالأهرام المسائيأخفيت – و لم أحرق- دواوين نزار قباني التي كنت قراتها بل و أكادحفظتها كلها !كسرت التماثيل في البيتقاطعت التلفزيونالآن ليست الدروس و لا الخطب فقط هي التي تشغلني بل هناك الدروسالخاصة في أحد الزوايا الصغيرة بعد صلاة الفجر..تلك الدروس التي خص بها الشيخ نشاتتلاميذه بدروس (تفسير القرآن ) ..اكتشفت أن الشيوخ مثل الشيخ نشأت هم شيوخ متعددواالمواهب ..ليسوا متخصصين في علم بذاته ..هو يكلمنا في التفسير و في الحديث و فيالفقه و في الرقائق – هكذا كانت تسمية شرح كتب ابن القيم –يزداد قربي من الشيخ و أذهب إلى بيته في أي فرصة تأتينيكلما أقترب منه كلما أحس أن هدفي من الحياة قد بدأ يتحقق ..هذا هوالشيخ الذي أريد أن أكون مثله..باختصار اريد أن اكون مثله .. (شجاعا) مثله..مهاجماللحكومة (صداعا بالحق) مثله ..أتحمل (الاعتقال) مثله في (سبيل الله) !مرت ربما سنة أو اثنتان على تلك الحالة و صار لي مع الشيخ اكثر من شيخهناك محمد حسان في العزيز بالله في الزيتونو هناك محمد يسري في أحد زوايا مدينة نصر ثم كانت أول زيارة لأمن الدولة !عائدا كنت من رحلة عمل من ليبيا بعد أخرى في العراق ..جواز سفري بهختم ليبيا و ختم العراق..حقيبة سفري بها نسخة من الكتاب الأخضر ..أنزل من الطائرةو أتجه ناحية الجوازات .. رجل مربع الجسد و الوجه يأتي ناحيتي و يطلب مني بهدوء أنأتبعه و يسير بي إلى دهليز لم الحظ وجوده أبدا في المطار !أجلسني على (مصطبة) و تركني لمدة أربع ساعات في انتظر من يستدعيني حتىجاءني النداء أخيرا" لمن تسمع ؟""لمن تقرأ؟"لمن تحضر؟"" من هم أصدقائك ؟"- لا أحد !- الشعراوي !- لا أحد !- ليس لي أصدقاء !ها قد بدأ الجهاد كما قلت لنفسي .. أفكر كم عانى شيوخي في الاعتقال (كما أخبرونا مرارا ) .. و بعد استحواب حوالي ساعتين تركني أعود لأجد في الصباحاستدعاءا لفرع أمن دولة مدينة نصر أمام مسجد نوري خطاب !الوالد يصر على المجيئ معي رغم رفضي ذلكالمقاتل يدافع عن ابنهنجلس في غرفة الانتظار في هذا المبنى الذي يظهر منه أقل مما يبطن ..يدخل معي للاستجواب فيقف المحقق احتراما له و يمنهي التحقيق سريعا معأخذه وعد مباشر من أبي أن أبتعد عن أي مشكلاتيزداد عزمي أني على الحق و إلا فلماذا يحدث هذا و يزداد حزن والدي عليو يتكرر بعد هذا ذلك المشهد ثلاث مرات وسط فخري و اعتزازي تزداد لحيتي طولا و بعد هذا الاستعداء الأول ببضعة أشهر يخيرني صاحبالعمل بين حلق لحيتي و بين ترك العمل فلم أرد و انصرفت ..كان يعرف ردي على كل حال!اتصلت ببعض من أعرف ..هذا أرشدني إلى ذاك إلى تيك ..حتى انتهى بيالمقام في بيت محمد حسين يعقوب في المعتمدية كاتبا لخطبه و مفرغا لها تمهيدالطبعها..تلك هي الوظيفة التي صرت أعمل فيها بعد الدراسة و التفوق و طموح العمل فيالسلك الدبلوماسي يوما!أفكر كم أن القدر كان يحمل لي أجمل المفاجآت ..ها أنا أعمل مع أحدالكبار ..في بيته ..آكل غدائي معه يوميا ..صرت صديقا لأخيه طه يعقوب و صديقهلأبناءه خاصة صغيرهم وقتها – لا أتذكر اسمه الآن-أصلي خلفه الظهر و العصر في بيته يوميا ..الصلاة التي تستمر خمسة وأربعون دقيقة على الأقل في كل مرة ..هذا هو السلوك الذي كنت أنتظرهو .....لكني أحتاج للمال!!!!!إن الالتزام لا يغني عن دفع المصاريف ..لا يغني عن شراء الملابس والطعام !!!قريبٌ من بعيد يخبرني عناحتياج الشركة التي يعمل بها لأمين مخازن ..أستأذن الشيخ فيأذن لي ..أعود للعمل من جديد و الحظ يبتسم فالشركة كلها (أخوة ) ..بل صاحبها(أخ) هو أيضا..أستمر في العمل و ممارسة الالتزام..دروس أحضرها..دروس أسمعها في العمل.. (طلب العلم) يأخذ كل وقتي ..دروس في العقيدة مع الشيخ فتحي غريب و الشيخ محمود عبد الرازق ..الرقائقمع محمد حسين يعقوب ..دروس الشيخ نشأت المتنوعة ..الفقه مع د محمد يسري ..التوجيهاليومي من محمد حسين يعقوب و من اخيه طه يعقوب ..السلفية تصير دمي و لحمي و هدفيأنصر من ينصرهاو أعادي من يعاديهاالشعرواي صوفيعمرو خالد حليقالاخوان خوارجالقرضاوي كلب عاويالتبليغ و الدعوة مبتدعةالأزهر أشاعرة الذين هم مخانيث المعتزلةعامة الناس جهال في العقيدة ..لا يعرفون عقيدة أهل السنة و الجماعة ..و من ثمّ أنشر بين كل من أعرف كتب محمد بن عبد الوهاب لأعلمهم ما جهلوه من عقيدتهم..كل من أعرفه أكلمه أولا عن الصلاة في المسجد ثم عن اللحية ..هذا فرض و ذاك فرضأيضا ..لا تلكمني من فضلك عن رفض أهلك للحيتك ..لا طاعة لمخلوق في معصيةالخالق ..ألتحق بأحد معاهد تحفيظ القرآن فأصير شيخا للزاوية تحت منزلنا حتى لماقدّم الناس أبي يوما للصلاة و أنا وسطهم لم أستح أن أمنعه من هذا و أرجعته لموقعهالطبيعي وسط الناس و لا يتقدم علي و أنا (الحافظ ) للقرآن ..الوالد المقاتل الصلب يرجع منكسر الفؤاد و الرأس من ابنه الذي خذلهلكن لله أقدارا لا نعلمهابجوار العمل مسجد جامع نذهب للصلاة فيه ..و بجوار المسجد كشك صغيرلبيع الكتب و الشرائط الدينية..كتب و شرائط العلماء ..هاك أفقه أهل الأرض محمد عبدالمقصود .. و محدث العصر الحويني ..و ووووووو في الوسط يتسلل كتاب للقرضاوي اسمه (كيف نتعامل مع السنة) فأتعجب ماالذي أحضر كتاب مبتدع مترخص مثل القرضاوي في وسط كتب العلماء !!لا أهتم به و لا ألتفت إليه ..يوما بعد يوم بعد يوم بعد أسبوع بعد شهر..و لا أحد يشتريه حتى قررت أن أشتري و أفهم ما يقوله هذا المترخص فأحذر الناس منه..و يبدأ من هنا الانهيار السلفي في ذهني!!!!أحم ..ما الذي كنت أفعله من قبل بالضبط!!!!لماذا لم يخبرني أحد من قبل أن هناك شئيا اسمه قطعية الدلالة و ظنيةالدلالة ..أن هناك شيئا اسمه قطعية الثبوت و ظنية الثبوت!!يا إلهي هل حقا كل مسائل الخلاف واقعة إما في ظنية الدلالة او ظنيةالثبوت !!!لا ..أرجوك ..اللحية!!! الغناء !!!! النقاب !!!! الاختلاط !!! العملفي البنوك!!!! القروض!!!! التلفزين !!!التصوير !!!!ماذا أيضا!!!!بدأت أشتري باقي كتب هذا القرضاوي الذي لم يعد كلبا عاويا و لا مترخصا– لم أكن بعد أعرف مواقفه السياسية – وجدته في كتبه يكثر من ذكر اسم رجل بعينه ..شيخ جليل يصفه بالامام الاكبر ..الشيخ عبد الحليم محمود..من هذا الرجل؟؟؟أقرأ عنه فإذا هو شيخ الأزهر!!!!ماذا ؟؟؟ إذن هو أشعري مبتدع؟؟؟ فكيف يكون اماما أكبرا كما وصفه رجلمثل القرضاوي !!!!أقرأ أكثر فإذا هو صوفي !!!!!! لا هذا كثير...كثير جدا..كيف بمن ياتي بالشركيات أن يصير إماما اكبرا!!!! بدأت من ساعتها هذا ال(نزناز) السمج باللعب في عقلي ..مرت الأيام و أنا في حيرة قلت معها زياراتي لآل يعقوب و لخطب نشاتأحمد..أو دروس الفقه و العقيدة ليسري و لفتحي غريب ثم صدمة أخرى ...صديق لي في العمل يستمع لإحدى خطب الحويني – لم أكن احبه حتى وقتالسلفنة !!!في آخر الشريط تجميع لأسئلة متنوعة كانت توجه للحويني في نهايةالدروس..و يشاء السميع العليم أن يبين لي ما كان خافيا على أيديهم ..سؤال يا فضيلة الشيخ : والدي حلف أن يطردني من البيت إن لم أحلق لحيتي..ماذا أفعل ؟الجواب : اللحية فرض و من ثمّ أطع ربك و أطع أبيك..أطع ربك باعفاءلحيتك و اطع أبيك و اخرج من البيت!!!سؤال يا فضيلة الشيخ : أنا ذاهب للتجنيد و هناك يمنعون اعفاء اللحية..ماذا أفعل؟؟الجواب : هذه ضرورة يا بني ..احلقها و يكون الاثم على الدولة!!!!!! ثم نقلة أخرى..صديق لي يأخذني لمسجد الحصري لتلقي علوم التجويد تحت شيخ شاب اسمه(محمد حامد) ..نعم هو ذاك من تعرفونه قبل أن يتغير و سبحان مثبت القلوب!!!يا إلهي..إنه حليق!!!درس علم يلقيه بعد صلاة العشاء يتكلم فيها عن إحدى فتاوى الألبانيالشاذة و كيف ردها القرضاوي بسهولة!!!هذا كثير علي جدا ..عقلي المسكين لا يحتمل!!!!تكررت الدروس و تنوعت قراءاتي حتى لفظت السلفية لفظا لم تعد من بعدهاإلى قلبي..كيف و قد بدأت ادرك حجم الكارثةمحدث العصر الاباني لم يكن له شيخ سوى الكتاب و ليس له سند واحد فيالحديث!!محدث مصرالحويني بلا شيخ هو أيضا و أبلا سند واحد في الحديثالفقيه الفلاني لم يدرس الفقه سوى من الكتبالعالم العلاني كل بضاعته من العلم أنه حضر لهذا و ذاكالتماثيل التي كسرتها يوما في بيتنا كسرت داخلي الآن تهت ......و لكني أحب التجويد و لم أكن بعد قد تركت معهد القرآن فانتظمت بالحصريحتى صرت في فريق عمل المحفظين ..ثم......ثم نقلة أخرى و تدبير آخر من تدابير الخالق..أحد المحفظين ياتي بكتاب تجويد لشيخ اسمه (سيد بعبولة) و يقول أنهوجده جيدا و أعطاني نسخةبدأت في قراءة الكتاب فوجدته بالفعل جيدا و لكن به ما يخالف مدرستنافي التجويد – أقصد مدرسة الحصري - في بعضالأمور الدقيقة ، فقررت ان أتصل بالشيخ لأسأله عنها و لحسن الحظ كان رقم هاتفه فينهاية الكتاب..اتصلت به لأسأله فإذا بي آخذ (علقة ساخنة ) على الهاتف و الشيخ يتهمنيبأني من أتباع شيوخ البترول و الدولار..ففهمت !!لم أكن أول من كلمه و يبدو ان الادب عملة نادرة عند البعض..طمأنت الشيخ أني لست من هؤلاء و اني فعلا أسأل لأفهم فهدأ و أخبرنيبموعد درسه لأحضر و أسأله فيما أريدذهبت و كانت الكارثة...الشيخ صوفي قح!!!اما الكارثة الثانية فأن وجهه المنور المنير الذي ينطق بالحب لا يقاومفجلست في زاوية المسجد و إذا به يستمر في النظر إلي من دون الناس و هو يبتسم وعرفت من ساعتها أني قد وقعت في الأسر!!!بعد الدرس ذهبت إليه أسأله عما شغلني في تلك المسائل التجويدية فوجدتهيخبرني أن آتيه إلى درسه الرئيسي في مسجد (سيدي الدرديري ) خلف الجامعالازهر..مسجد (سيدي الدرديري)!!!! إذن هو مسجد به ضريح..لم يزل بداخلي خوف منالصلاة في مسجد به ضريح..تلك من المسائل التي لا يتهاون فيها الفكر السلفي و لايقصر في وصمها بالشرك و أن الصلاة فيه على أقل تقدير باطلة..نعم تركت السلفية ولكن أفكارها لم تزل في قلبي و لكني كنت أريد القراءة على هذا الشيخ (المنور) فعزمتعلى الذهاب إليه في هذا المسجد و أتجنب الصلاة ناحية الضريح تماما و في ذهني أن(الضرورات تبيح المحظورات) !أذهب فاجد الشيخ ممسكا بيد أحد طلبته و يقف يدعو له بجوار الضريحالأخضر الجميل داخل المسجد العتيق الجميل الذي يفوح بعبق الدين و العلم والروحانيات – رغما عن وجود الضريح!أجلس في طرف حلقة العلم فينظر إلي الشيخ ثانية وسط الدرس الذي به جمعٌمن الجنسيات المختلفة و يسألني ( من أين أتيت؟) فأخبرته إني جئت من مدينة نصر فنظرللطلبة و هو يقول لهم مادحا في (انظروا لطالب العلم الذي يأتي من مدينة نصر مخصوصلتعلم القرآن)!نظرت حولي لهؤلاء الذين اتوا من أندونيسيا او ماليزيا او من أقاصي الصعيدو لم أفهم معنى هذا المدح و تلك البسمة الحانية التي يلقيها علي أولا بأول!!!بعد الدرس توجهت للشيخ لأطلب القراءة عليه فطلب مني أن أوصله لمنزلهبحلوان و أقرأ عليه هناك و تلك كانت اول زيارة لي لمنزله التي لم تنقطع منذ سبعسنوات و حتى الآن بفضل الله و لم أزل أتعلم منه في كل مرة الجديد و الأعمق!بدأت القراءة على الشيخ سيد بعبولة في منزله المتواضع جدا في أحدالأحياء الشعبية باطراف حلوان و كان الشيخ يعلم خلفيتي ..يعلم أني قادم من صحراءالسلفية (طازة) فلم يرحمني..كانت كلماته كالمطرقة على رأسي ..كل كلمة تزلزلني وتضرب مسلماتي دون رحمة ..كل ما تلقيته من شيوخ السلفية الشيخ ينسفه لي نسفا ويضعني فيه دون أي هوادة و........و لم احتمل!!!كنت بعد متأثرا بالأفكار السلفية و من ثمّ رأيت أن ما يقوله الشيخ ليسمن الشرع – بمعنى أصح الشرع الذي ظننت أني أعرفه – فتركته دون حتى استئذان !تركت الشيخ لسنتين كاملتين طفت فيها على الكثير و قرأت للكثير و تعرفتعلى الكثير ففهمت الكنز الذي تركته من بين يدي و فهمت ما كان يفعله معي الشيخ ولكن ..... أبعد سنتين يقبلني من جديد؟؟كرهت جدا ما فعلت و كرهت اكثر موقفي و ظللت مترددا شهورا لا أجروء علىالاتصال به حتى وجدتني يوما أثناء قيادتي للسيارة أرفع الهاتف و أكلمه ..هكذا دونترتيب !مازلت أذكر هذه المكالمة جيدا..بعد أن دق الجرس ثلاث أو أربعمرات..الشيخ يرفع السماعة ثم......." يااااااااااااه ...عم محمد..أعلم أن الله على كل شئ قدير..فينكيا حبيبي ؟؟"فلم أرد سوى بقولي : "انا آسف يا سيدي ..أنا فهمت غلطتي "ضحك الشيخ ثم أجابني : " يبقى لسه ما فهمتش حاجة ..ربك بيقول(ففهمناها سليمان) "ثم أذن لي بالعودة ..و ذابت سنتان كأنما لم تكونا !و كانت العودة أكثر فتحا ألف مرة و.....شاهدت الكرامات التي طالماأنكرها السلفيون !شاهدت و خبرت كيف هم – الشيوخ الحق- يقرأون امراض قلبك و كأنك كتابمفتوح أمامهم..و هم مع هذا يعالجون برقة و بسترة ليس بغلظة او بفضحكان الشيخ يسقيني القرآن و يعلمنيه بصبغة الحب الشديد ..حب عجيب لمأذق مثله من شيخ أبدا قبله ..حب من نوع آخر ..حب المشفق ..حب الحريص على مصلحتكمثل الأب ..في يوم أخذني الشيخ لزيارة السيد البدوي بطنطا و أثناء قيادتي للسيارةفي طريق الذهاب إذا بي أسأل الشيخ فجأة دون ترتيب مسبق مني و بدون سابق كلام :" و ماذا بعد يا شيخنا ؟"فصمت قليلا متاملا ثم اجابني بجملة واحدة : " ليس إلا الحب ياولدي "نعم تلك كانت القاعدة التي يسير بها الشيخ معي في كل حاله ، الحب وليس إلا الحب ، و هل ديننا إلا رسالة حب ؟؟زاد عشقي للشيخ و تقبلت رويدا رويدا مفاهيم التصوف لمّا فهمتها علىحقها من أهلها..لما فهمتها بالممارسة ..لكم أضاع السلفيون علينا أعمارنا و لم(نذق) ابدا حلاوة الإيمان ..نعم نبكي في صلواتهم و ترتجف اجسادنا ارتجافا تأثرابالخطب و لكن لا يسري منها شئ إلى القلبلا تتأثر أخلاقنا سوى بالسلب ..فترى (الأخ) إذا التزم صار اكثر غلظة..صار أكثر تنفيرا ..صار حاكما على الناس و ليس داعيا ..باختصار : لما التزم صار أكثر بعدا عن النبي صلى الله عليه و سلم!!!!!فهمت - كما قلت - الكثير مما خفي عليّ من قبل بل و ذقته..عرفت أماكنالخلاف الفقهي و ذهلت من كم التدليس الذي شربناه في مواظن الخلاف !!كم مرة أسقونا كلمة(اجماع العلماء) و إذا بي أفاجأ أنه ليس أصلا محلاتفاق القلة في مسائل كثيرة!!!!!و مع عشقي للشيخ كنت أتعجب من عدم عرضه عليّ أن أدخل في الطريقةالصوفية التي ينتمي إليها..كان شيخي شاذليا و لكن لم يحاول يوما أن يطلب مني أكثرمن تعلم القرآنمجلسنا كان قرآنا و فقط !!يطوف بي في معاني القرآن تجويدا و وعظا و تربية و فقها و سيرة ..و مرت السنين و جاء الموعد مع دفعة قدرية أخرى ..كنت أشاهد مسلسل (العارف بالله) الذي يحكي قصة الإمام الاكبر عبدالحليم محمود ..حكى الإمام عن شيخ بحث عنه ..شيخ فرنسي اسمه (عبد الواحد) كان يعيشفي القاهرة و ظل الشيخ يبحث عنه حتى وجده في فيلا بالدقي و منه أخذ – بعد اختباراتعدة من الشيخ – ما أخذ من فتوحات ..أثار هذا فضولي جدا فأختي تعيش في الدقي و تعلققلبي جدا بالبحث عن بيت هذا الشيخ و لكني و مع البحث الدقيق لم اجد لها أي بدايةخيط..و جاء اليوم الذي كلمني فيه صديق و يسالني (أتعرف شيخا اسمه بلقايد؟) و لمأكن سمعت هذا الاسم من قبل و لكن و هو يكلمني دخلت على النت باحثا عن هذا الاسمفوجدت صورته ..أقصد وجدت بدرا منورا!!!!ما هذا النور!!!هل هناك من يشع وجهه نورا هكذا!!!!ثم أفجأ بأنه شيخ الشيخ الشعراوي و منه تلقى الشيخ الشعراوي في الجزائرالفتوحات الربانية فأخبرت صديقي بهذا لأجده يخبرني بأن الشيخ في القاهرة هذهالايام و أن أحد مريديه صديقه و يدعوه أن ياتي هو من يحب ليقابل الشيخ لوأردنا!!!!بعدها بساعتين كنا ندخل مدينة عرابي الهادئة ..توجهنا بالسيارة خلفمرشد لنا فأدخلنا إلى منزل كبير في منتهى الجمال و التنسيق و الرائحة الجميلة!نعم تلك الرائحة كانت أول ما لفت بالي ..رائحة مسك الكعبة التي لايناسها أبدا من شمها يوما ..صالة المنزل مخصصة لإنتظار محبي الشيخ ..جلست أنا و صاحبي نتأملالوجوه ..من جديد جنسيات مختلفة ..هذا سوداني و هذا يمني و هذا ماليزي أو أندونيسيأو أو أو ..ما حكاية شيوخ التصوف هؤلاء مع الجنسيات المختلفة ..جاء شاب جميل مهذب لا يخاطبنا إلا ب(سيدي) و كتب أسماءنا في قائمةالداخلين على الشيخ و طلب منا الانتظار حتى يؤذن لنا و كنت آخر الداخلين فطالانتظاري و لكني لم أضيع الوقت إذ جهزت في ذهني عشرات الأسئلة و الشبهات عن التصوفالتي أردت أن يحل إشكالها لي هذا الشيخ ..دخل صديقي قبل و كان باقيا على صلاةالمغرب نصف ساعة و الأحباب – أو الفقراء كما يسمون أنفسهم- قالوا ان الشيخ لنيلتقي أحدا بعد صلاة المغرب فهلع قلبي ..أرجوك يا صديقي لا تنسني..أرجوك دع لووقتا مع الشيخ!عشر دقائق مرت خمسة عشرو أيقنت أني قد ضاعت مني الفرصة ..ضاعت مني و انا بيني و بينه خطوات!عشرون دقيقة و خرج صديقي أخيرا ، خرج بوجه حائر زائغ النظرات و عيناهترغرغان .. " يا صديقي ماذا قال لك ؟" فلم يجبني و هز رأسه كأنما يحلم!جاء الشاب الجميل و أخذني من يدي إلى الشيخ و هو يوصيني ألا أطيل علىالشيخ ..ما لا يعرفه هذا الأخ أني أنتوي الإطالة بأقصى ما أقدر!قبل الدخول على الشيخ و أثناء انتظاري لاحظت في صالة الانتظار سلوكالجميع..المريدين يجلسون عند أقدام المشايخ بعد تقبيل أيديهم..أنا أحب هذا ولكن....... أنا ركبتي مصابة و لا أقدر على ثنيها و بالتالي لا أصلي إلا جالسا منذسنوات ..فبالله ماذا أفعل مع شيخ مهيب جليل مثل هذا!!!الكل يجلس عند قدميه ..كبار مريديه يفعلون هذا فآتي أنا و اجلس علىمقعد (رأسي برأسه كما يقولون )!!أخيرا دخلت ..غرفة صغيرة جميلة في طرفها يجلس الشيخ على أريكة مادا قدميه على مقعدصغير ليريح مفاصله من (الروماتيزم) الذي بها ..رائحة المسك تلك تهب عليّ و تغرقني في زخاتها ..الشيخ أبيض اللون مرتديا اللون الأبيض و ابتسامة هادئة على وجهه نظرت للمقعد الصغير الذي يفرد عليه قدميه فحمدت الله في سري..نعم..هكذا سأجلس على الأرض و أفرد قدمي المصابة تحت هذا المقعد الصغير دون أن يلحظالشيخ ..كانت يداه تناديني – هكذا شعرت !أمسكت بها متلهفا على تقبيلها ..هو من أحفاد الحبيب المصطفى ..لكموددت ان أقبل يد الحبيب المصطفى ..فها هو حفيد من أحفاده ..كم كنت أرى هذا علامةاهانة و استضعاف من قبل ..الآن ..لا أجد إلا جسدي ينحني مسرعا لتقبيل تلك اليدالعجوز فتهب في أنفاسي رأئحة المسك تلك ..أهم بالجلوس على الأرض – كما عرفت أن الكل قد فعل من قبل – و أنفذخطتي بفرد ساقي تحت المقعد الصغير و لكن الشيخلم يترك يدي بل ضغط عليها بقوة و هو يجلسني رغما عني بجواره على الأريكة!يا إلهي !يده لم تترك يدي ، بالضبط كما يفعل الحبيب صلى الله عليه و سلم مع منيسلم عليهنظرت في وجهه أتامله فنسيت الأسئلة و نسيت كل شئ!بعد دقائق من الصمت سألني بحنو ( ماذا تريد يا ولدي ؟)فلم أجد إلا أن أرد عليه ( أنا تائه يا شيخنا !)و لمدة عشر دقائق لم أتحرك من مجلسي بجواره و يدي في يده لا يكلمنيإلا عن علامات حب الله للعبد..ماذا قال لي بالضبط ، لا أذكر!و لكن تلك العشر دقائق مازالت حتى الآن تملأ قلبي رغم مرور أربعةسنوات او أكثر عليهابعد العشر دقائق خرجت من عنده كمثل صاحبي ، زائغ النظرات ..تائه ..لاأريد أن أتكلم !بعد صلاة المغرب كنت و صاحبي في سيارة العودة و لم نتكلم و لم ننبسببنت شفة طيلة الطريق ، فقط قبل أن أنزل من السيارة سألته (كيف كنا نسمي المدعينشيوخا!!!!!)اليوم التالي جاءتني رسالة من صديقة بمفاجأة أخرى : " هل تتخيلأنه لم يجلس مع الشيخ إلا نحن في هذا اليوم من خارج دائرة مريديه ..لم يستقبل أيفرد جديد سوانا!!! "اليوم الذي بعده دُعينا إلى حفل ختامي توديعي للشيخ قبل أن يعود لبلدهالجزائر ..قالوا لنا العنوان في شارع هادئ بالدقي و يا للعجب ، هو الشارع المجاورلمنزل أختي!حينما ذهبت فوجئت بالمكان ..فيلا – كنت أحسبها مهجورة – بجوار منزلأختي لطالما كنت أركن السيارة عندها و أنا أنظر للفيلا الجميلة المهجورة!كيف لم ألحظ من قبل أنها فيلا عامرة بتلك الأنوار و بهؤلاء المحبين!الفيلا ملك لأحد أكبر تلاميذ الشيخ ، اسمه عبد الواحد يحيى ..داخلالفيلا وجدت بعض الصور و الشهادات و سمعت كلام الحاضرين ، فإذا بمالك الفيلا هوابن الشيخ عبد الواحد يحيى الفرنسي الذي جاء له الإمام العارف من قبل و إذا تلكالفيلا هي ما كنت أبحث عنه من قبل ..لقد جاءتني الدعوة إذن و قُبل طلبي !اللهم لك الحمد !اللهم لك الحمد !تأملت الحضور فوجدتهم كالعادة من مختلف الجنسيات و لكن أضيف إليهمالعديد من علماء الازهر و عمداء كليات الشريعة المختلفين الذين أتوا لتحية الشيخالجليل..الكل جالس بجواره و حوله و الشيخ لا يرفع عينه عن الأرض بتلك النظرة الساكنةالقادمة من عالم آخر و السارحة في عالم آخر .. السبحة في يديه تتلاحق أحجارها بينأصابعة بسرعة لا تتغير و لا تنتهي..يرحب به الحاضرون..كل عالم يلقي كلمة ترحيب او مدح في الشيخ العظيم أو يشرح معنى منمعاني التصوف في حضور قطب من أقطابه..أخذني كلام الحضور بشدة و انتظرت بلهفٍ كلمةالشيخ الذي حتما سيختم المجلس بكلمة منه هو – كما قلت لنفسي و كما توقعت و كمارايت كل الشيوخ في حياتي يفعلون!مر الوقت و العلماء واحد بعد الآخر يتكلمون حتى أخيرا انتهوا بعدمنتصف الليل و اشتياقي كاد يأكلنيو لكن.....الشيخ أذن للناس بالانصراف و عرفنا أن الليلة قد انتهت!ماذا!!!و لكن..الشيخ ..نريد منه كلمة ..إن كان العلماء هؤلاء جالسين تحتقدميه و يقولون هذا الكلام النوراني فماذا عن الشيخ!!!!سألت أحد المريدين القدماء فقال لي ضاحكا : إن الشيخ يستحيي أن يتكلمفي حضور العلماء!!!!!فلم أرد و أنا أتذكر و أستحضر في ذهني أولئك الذين يمسكونالميكروفونات ليتكلموا بالساعات و يصرخون و يزعقون .. لم أرد و انا أشعر ان صمتالشيخ و عدم كلامه كان أقوى من عشرات الخطب العصماء!!!اليوم التالي اتصل بي صديقي و أخبرني أن الشيخ قبل سفره سيستقبلأحبابه في استراحة عرابي فهرعت إلى هناك مع والدي هذه المرةالمقاتل القوي آن له أن يستريح قلبه و يطمئن على ابنهجلست على مقعد قريب من الشيخ و بجوارنا كان أكبر تلاميذه ..تحدثت معتلميذه هذا كثيرا و سالته عن الكثير و شرح لي الكثير و لكن عيني كانت على الشيخبلقايد لا تفارقه ..هناك رابط و رباط بيني و بينه يتكون و الاشتياق – رغم كونهامام عيني- يكاد يقتلني ..سألت تلميذه – رغما عني : " كيف أنضم إليكم ..أريدأن أسير معكم ؟"ضحك و هو يجيبني و يده على كتفي تطمئنني : " و لكنك معنا بالفعل، هل تظنها باختيارك؟ "تذكرت أحد أحبابي يردد بيت شعر " أيها المعرض عنا..إن اعراضك منا..لو اردناك جعلنا ..كل ما فيك يريدنا "نعم كل ما فيّ يريدهم ..قال : لو تريد اذهب للشيخ و اطلب منه أن يعطيك الإذنتربصت لحظة يخلو فيها الشيخ و انقضضت على يديه أقبلها طالبا منه أنيعطيني الإذن أن أكون معهم ..أريد الورد ..فأمسك يدي و قال: "ردد خلفي" رددت خلفه الورد ..وردالاستغفار و الصلاة على النبي و التهليل و المعوذات و سورة الفتح ..لا جديد هنا فيالكلام نفسه و لكن الجديد هو ذلك الرباط الذي تكون ..أفهم الآن تلك المقولة (منذاق عرف) ..تشعر أن الكلمات كانك أول مرة تسمعها !!حتى انتهى و قمت من مجلسي راض مبتسم لأفاجأ بالشيخ يمسك يدي بقوة ويجلسني على ركبتي المصابة و علمت أن آخرين يريدون مثل ما أريد ..الكل هرع ناحيتناو قد عرفوا مغزى حركة الشيخ..كل الحضور الآن أيديهم على كتفي..الكل وزنه علىكتفي..ركبتي المصابة التي لا تنثني و لا تتحمل تلك الحركة ، الآن تحت هذا الوزنالهائل ..أعاد الشيخ تلقين الورد للحاضرين ..و بهدوء استمر حوالي نصف ساعة و..................و لكني لا أشعر بركبتي!!!و قبل أن ينهي التليقين نصحنا نصيحة واحدة لم يزد عليها : " كونوا رحماء في الأرض"و حتى الآن و رغم مرور أربع سنوات لم أسمع منه سوى تلك الكلماتاليسيرةلم أجد خطبا عصماءلم أجد بلاغةلم أجد كلاما جديداو لكن هذا الكلام المعتاد و تلك الاحاديث و الآيات التي سمعتها منهسواء في الجلسة الخاصة أو في تلقين الورد كانت هذه المرة جديدة تماماكانت حية و كانت تنزل على أرض قلبي البور فتعمرها حتى الآن لم ازل أشعر بحنو يده على يدي رغم قوتها و هو يمسكني !لم أزل أسأل كيف تحملت ركبتي المصابة ليس فقط وزني – الذي لم تكنلتتحمله – و لكن وزن ما لا يقل عن خمسين فرد آخر!!!هل هي كرامة!!!ربما ..و لكن ....لا يهم..ما يهم هو هذا الزرع الذي ألقاه في قلبينعم ....من ذاق عرفنعم ..و الآن فقط أعرف معنى الوراثة النبوية..الأنبياء لم يورثوا درهما و لا ديناراو لكناشراقا و أنواراالقرآن من أفواهم كأنه لم يزل قريبا من السماءالحديث من أفواههم كأنك تسمع نبرة المصطفى صلى الله عليه و سلم مسكين حقا من ضاع عمره تحت أقدام الصارخين الموتورين الذين انقطعتانوارهم فإذا القرآن من أفواههم مظلما و إذا الحديث في غير محله و إذا خطب السنينالطوال لا تغير فيك سوى من خلق سيئ إلى آخر أسوأ أفقت من أفكاري و سريان السنين على صراخ نشأت أحمد ثانية ..نظرت إليه و هو يشوح بيده و يهيج جماهيره و أنا أتسائل في سري ترى لوكان من زرع فيك نبتة الدين مثل الشيخ بلقايد كيف كان يكون خطابك الآن ؟لو أن من زرع فيك نبتة الدين نصحك اول ما نصحك ب(كونوا رحماء فيالأرض) أكنت تنتهي صارخا مهيجا؟ اللهم ارزق كل محب وليا مرشدا بحق قولك (من يهد الله فهو المهتد و منيضلل فلن تجد له وليا مرشدا )
.... | |
|