المربي سيدي محمد عبد اللطيف بلقايد
هو نجم سمائنا وبدر زماننا ونقطة دائرة عهدنا الشيخ الكامل سيدي محمد عبد اللطيف ابن سيدنا الشيخ محمد بن أحمد بن الحاج محمد الشريف الإدريسي الحسني ولد رضي الله عنه بمدينة تلمسان المصونة بتاريخ 22 شعبان 1356هـ الموافق لـ 28 أكتوبر 1937م ونشأ بها وسط أسرة كريمة باسقة شجرة سخائها ضاربة بأصولها في أرض الشرف والأشراف ممتدة أغصانها في سماء المعرفة والمروءة.
نقله غداة مول...ده جده سيدي أحمد بلقايد رضي الله عنه إلى سماحة الشيخ سيدي محمد الهبري فوضعه في حجره ونظر إلى وجهه متفرسا ثم قال: "إِنّ ابني هذا سيكونُ لَه شأْن في هذه الطريقة ".
فكان لتلك المقولة وقعها المؤثر في قلب والده سيدنا الشيخ محمد بلقايد فراح يحوط ابنه بكل عناية فلما شب أشرف بنفسه على تعليمه وتلقينه وتربيته فتلقى عنه الفقه والسيرة والعقيدة ومختلف علوم الشريعة فلما اشتد ساعده بدأ يلقنه علوم القوم كما تلقى رضي الله عنه عن عمه سيدي عبد الكريم بن الحاج محمد بلقايد الذي تولى تدريسه القرآن العظيم كما درس علوم اللغة والآداب على مجموعة من المشائخ على رأسهم الإمام الشيخ البشير بوهجرة وكانت له جولات في المناقشة والمدارسة مع سماحة الشيخ محمد متولي الشعراوي وقد اشتهر منذ صباه بالجد في طريق القوم وبلغ فيها مبلغ الرجال في سـن مبـكـر في عهد والده الذي سمعنا منه قدس الله سره قوله: "نالها عَبْد اللّطيف بذراعه" أي أنه ما حاز المقام إلا بجده واجتهاده كما شهد له بمكارم الأخلاق وهذا مما يشهد له به الخاص والعام.
ودخل ذات مرة على والده وشيخه فاستقبله فرحا مستبشراً مردداً:
إسْمَع كلامــي ولتـهــم إن كنـت تـفـهــــــم
لأن كنـــزك قـد عـــرى عــن كـل طلســـــم
وما ذلك إلا لتجلي الأمر عليه وبزوغ فجره أما هو رضي الله عنه فما عهدناه إلا متسترا بدثار الخمول يرفض الظهور والإطراء وكثيراً ما يردد: لست سوى خادما للطريق والفقراء وهذا شأن العارفين ولولا أننا نعرف منه رفضه للحديث عنه ونخشى من سوء الأدب معه لاسترسلنا في وصفه بما يليق بمقامه وإن كنا لا ندرك ذلك ولا يسعفنا فيه زاد إلا ما أسعفنا به هو غير أن لنا عودة بحول الله إلى الموضوع في كتاب آخر نخصصه للطريقة البلقائدية الهبرية ولأفراد هذه الأسرة.
ونذكر من مآثره تلك التحفة المعمارية التي شيدها بإذن من والده بقرية سيدي معروف بوهران وبها مقر إقامته وسوف يأتي الحديث عنها لاحقاً.
هذا وقد منَّ الله علينا أن أخذ عنه الطريق ثلة من كبار العلماء والدكاترة من مختلف بلدان ودول العالم الإسلامي منها: المغرب ومصر والسعودية وتونس وسوريا ولبنان واليمن ومن بعض الدول الغربية كفرنسا وأمريكا.
كما تخرج من هذه الزاوية عدد من الطلبة منهم من شارك في المسابقة التي تنظمها وزارة الشؤون الدينية فنجح بامتياز وصار إماما خطيبا ومنهم من صار معلما رسميا للقرآن وما زال باب الفضل مفتوحا وطموح الشيخ ممتدا لأن يجعل من هذا المعهد مدرسة يتخرج منها العلماء والفقهاء خدمة للدين والوطن والمسلمين. وقد سخر لهذا الغرض كل ما يملك وجند أبناءه لخدمة الزاوية والفقراء.
مواقفه النضالية والثورية:
لقد كان شيخنا سيدي محمد عبد اللطيف رضي الله عنه من المجاهدين الأوائل الذين تخرجوا في الزاوية على يد الشيخ سيدي محمد بلقايد رحمه الله وحدث ذات مرة أن كان محل مطاردة من طرف الاستعمار صحبة والده الشيخ سيدي محمد بلقايد وأخيه سيدي عبد الرحيم وظل الاستعمار يطارده ويضيق الخناق عليه لكونه كان يتولى التنسيق بين المجاهدين وجمع السلاح وتوزيعه وتنظيم الاتصال بين الفدائيين والمجاهدين في الجبال وبين المجاهدين والمناضلين في المدينة وقد نجاه الله من محاولة الإعدام رميا بالرصاص كما نجاه صحبة والده سيدي محمد بلقايد وأخيه سيدي عبد الرحيم من المعتقل الأمر الذي اضطره إلى الرحيل إلى سيدي بلعباس حيث ظل يمارس نشاطه الثوري حتى توقفت الحرب. كما أشرف على تنظيم استفتاء 02 ديسمبر 1962م الموافق لـ 5 رجب 1382هـ في منطقة سيدي بلعباس وما جاورها مع تصفية قائمة الأسماء المقترحة والصالحة لأن تتولى مهام سلطوية في إدارة الجمهورية الجزائرية.
...................................