صِفَاتُ الله كُلها كَمَالٌ
[img]
[/img]
صِفَاتُ الله أزَلِيَةٌ أَبدِيَةٌ، لأَن الذَّاتَ أزَلي فَلا تَحْصُلُ لَهُ صِفَةٌ لَم تَكُنْ في الأَزَلِ،
أما صِفَاتُ الخَلْقِ فَهِيَ حَادِثَةٌ تَقْبَلُ التَّطَورَ مِنْ كَمَالٍ إلى أكْمَلَ
فَلا يتجددُ عَلى عِلْمِ الله تَعَالَى شَىءٌ.
والله تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ شَىءٍ بِعلْمِه الأَزَليّ وقُدْرَتِه الأَزَلِيةِ ومَشِيْئَتِه الأَزَلِيةِ،
فَالمَاضِي والحَاضِرُ والمُسْتَقْبَلُ بِالنّسْبَةِ لله أَحَاطَ بِه بِعِلْمِهِ الأَزَلِيّ.
ولما ثَبَتَت الأزليةُ لذاتِ الله وَجَبَ أن تكون صفاتُهُ كلُّها أزليةً أبديةً
لا تَقبَلُ التَّغيرُ والتَّطورُ لأن التّغيرَ والتَّطورَ من حالٍ إلى حالٍ علامةُ الحدوثِ،
فالإنسان يقبل الزّيادةَ والنُّقصانَ والتغيرَ من الكمالِ إلى النَّقصِ
والعكس أما الله تعالى لا يزدَادُ ولا ينقصُ،
فصفاتُ الله لا تقبلُ التّطورَ من كمالٍ إلى أكملَ وعلمُ الله لا يزدادُ ولا ينقصُ
بل علمُهُ كاملٌ كما سائر صفاته يعلمُ به كلَّ شَىءٍ،
فلا يتجدّدُ له علمٌ جديدٌ بل هو عالمٌ في الأزلِ بكلّ شىءٍ
فالتّغيرُ يحصُلُ في المعلومِ الحادِثِ لا في علمِ الله الأزليّ،
فالله يعلمُ ما كانَ في الماضي وما يكون في الوقتِ الحاضرِ
وما سيكون في المستقبلِ حتى الأشياء
التي تتجددُ في الآخرةِ الله عَلِمَ بها في الأزل،
حتى أنفاسَ أهل الجنةِ وأهل النار التي
تتجدَّدُ بلا انقطاعٍ الله تعالى يعلمُ بتفصيلها.
أما قولُه تعالى:
''ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه''.
(سورة الأعراف/180)
معناهُ أن الله تعالى له الأسماءُ التي تدلُّ على الكمالِ،
فالله لا يُوصَفُ إلا بصفةِ كمالٍ فما كانَ من الأسماءِ
لا يدلُّ على الكمالِ لا يجوزُ أن يكونَ اسمهُ
كما يُسمّيه بعضُ النّاس "روحًا"، وبعضُهم سمّاهُ "ءاه"،
فهذا لا يجوزُ لأن كلمةٌ ءاه وَضَعَهَا العربُ لِتَدُلَّ على الشّكايةِ والتّوجعِ
وقد جاءَ في الحديثِ الذي رواه الترمذي أن رسول الله قال:
"إذا تثاءبَ أحدُكم فَليَضَع يدهُ على فِيْهِ،
وإذا قالَ ءاه ءاه فإن الشّيطانَ يضحَكُ من جوفِهِ"
أي يدخل إلى فمِهِ ويسخرُ منه.
ومن الدّليلِ على أن ءاه ليس من أسماءِ الله أن الفقهاءَ قالوا
إن من قالَ ءاه في الصّلاةِ عامدًا بطلَتْ صلاتُهُ،
ومعلومٌ أن ذِكرَ الله لا يبطلُ الصلاةَ،
فلو كانَ ءاه من أسماءِ الله لما أبطَلَ الصلاةَ.
وأسماءُ الله الحسنى يُطلَقُ عليها صفات الله ويُطلقُ عليها أسماء الله
إلا لفظ الجلالةِ لا يطلقُ عليه الصّفة،
ثم إن أسماء الله تعالى قسمانِ قسم لا يُسمَّى به غيرُهُ وقسمٌ يُسمَّى به غيرُه،
الله والرَّحمنُ والقدُّوسُ والخالقُ والرَّزَّاقُ ومالكُ الملكِ
وذو الجلالِ والإكرامِ والمحيي المميت لا يُسمَّى به إلا الله،
أما أكثرُ الأسماءِ فيُسمَّى به غيرُ الله أيضًا،
فيجوزُ أن يسمّيَ الشَّخصُ ابنَهُ
رحيمًا والمَلِك كذلك والسَّلام كذلك.