المحبة للمصطفى المدير العام
عدد المساهمات : 5852 نقاط : 34076 التفاعل مع الاعضاء : 15 تاريخ التسجيل : 18/09/2010 العمر : 75 الموقع : النور المحمدى
| موضوع: النبوة والأنبياء الأربعاء أكتوبر 20, 2010 5:02 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرمنا ببعثة سيدنا محمد خير الأنام وأرسل الرسل والأنبياء هداة مهديين، يدعون إلى عبادته سبحانه ويحذّرون من معصيته. والصلاة والسلام على من صلى بالأنبياء إمامًا وكان لهم ختامًا سيدنا محمد بن عبد الله وعلى ءاله وصحبه الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن المطالع في سيرة وقصص أنبياء الله ورسله الكرام من لدن أول البشر والأنبياء سيدنا ءادم عليه السلام إلى ءاخرهم وأفضلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجد أن فيها المواعظ والعِبر، وتعليمَ الناس على الصبر، وحثَّهم على أداء ما افترض الله، والثباتَ على الحق، قال الله تعالى: {لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب} (سورة يوسف/111).
وقد جعل الله أفضل الخلائق الأنبياءَ والرسلَ عليهم السلام وخصَّهم بصفات وشمائل لم يعطها لغيرهم من خلقه، لذا أورد بعض المعلومات المتعلقة بالأنبياء على نبينا وعليهم الصلاة والسلام
النبوة والرسالة
النبوةُ مشتقة من النَّبوة وهي الرفعة، أو من النبإِ وهو الخبر، فالنبيّ فعيل بمعنى فاعل أي مخبر عن الله تعالى بواسطة الملَك. والنبوة خاصة بالبشر فليس في الملائكة ولا في الجن نبي، وأما الرسالة فليست خاصة بالبشر قال تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس} (سورة الحج/75).
الفرق بين الرسول والنبي
الرسول من البشر هو النبي الذي أوحي إليه بشرع يشتمل على حكم جديد لم يكن في شرع الرسول الذي قبله كسيدنا محمد وعيسى وموسى فإن هؤلاء كل واحد منهم أنزل عليه حكم جديد. فموسى عليه السلام أنزل عليه قتل القاتل من دون أن يترك القاتل بالمصالحة على الدية ولا بالعفو المجانيّ، وعيسى أُنزل عليه حكم جديد وهو الدية فقط، ومحمد أنزل عليه القصاص والعفو على الدية والعفو المجانيّ وشبهُ ذلك، هذا في القتل العمد. وكذلك الصلوات ما كانت تصلى في شرع من قبل محمد إلا في مكان مخصوص، وأنزل الله على محمد أن الأرض جعلت مسجدًا أي تصح الصلاة في المكان المخصوص وغيره، وأما النبيّ غير الرسول فهو من أوحي إليه باتباع شرع الرسول الذي كان قبله وأمر بتبليغ ذلك، ولم يوحَ إليه بشرع جديد، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً.
النبوة غير مكتسبة، فهي غير متعلقة بكسب للنبي كما يقول تبارك وتعالى: {يؤتي الحكمةَ من يشآء} (سورة البقرة/269) أي النبوة والرسالة فلا تنال بالعمل والاجتهاد في العبادة وحسن الخلق إنما تنال باصطفاء الله وموهبته. ثم إن الله ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو ءاخر الأنبياء وأمّته ءاخر أمة أرسل إليها رسول. والرسول لا بد أن يكون أكمل من المرسلِ إليهم عقلاً وفضلاً وفطنة ومعرفة وصلاحًا وعفة وشجاعة وسخاوة وزهدًا، قال تعالى: {إن الله اصطفى ءادم ونوحًا وءال إبراهيم وءال عمران على العالمين} (سورة ءال عمران/33). ولا يجوز أن يكون الرسول امرأة، ولا أن يكون عبدًا مملوكًا، ولا أن يكون ناقص الحس لأجل الحاجة إلى كمال الحواس في أداء الرسالة وما يتعلق بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعثَ اللهُ نبيًّا إلا حسن الوجهِ حسنَ الصوت، وإن نبيَّكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا" رواه الترمذيّ
ما يجب للأنبياء وما يستحيل عليهم
يجب للأنبياء الصدق، فيستحيل عليهم الكذب لأن الكذب ينافي منصب النبوة، ويجب لهم الأمانة فيستحيل عليهم الخيانة. ويجب لهم الفطانة فيستحيل عليهم الغباوة والبلادة أي ضعف الفهم، لأن الأنبياء أرسلوا ليبلغوا الناس مصالح ءاخرتهم ودنياهم، والبلادة تنافي ذلك. وكذلك يستحيل على الأنبياء الرذالة كسرقة حبة عنب واختلاس النظر إلى الأجنبية بشهوة، وكذلك يستحيل عليهم السفاهة كتذبير المال.
ما ورد في عدد الأنبياء والرسل والكتب المنزلة
روى ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال :"مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا". قلت: يا رسول الله كم الرسل من ذلك؟ قال :"ثلائمائة وثلاثة عشر جمًّا غفيرًا". قال: قلت: يا رسول الله من كان أولهم؟ قال:"ءادم" قلت: يا رسول الله أنبيّ مرسل؟ قال: "نعم خلقه الله بيده (أي بعنايته)، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قُبُلا". وقد اختلف العلماء في بيان عدد الأنبياء فمنهم من احتج بحديث ابن حبان المتقدم ذكره، ومنهم من لم يعين عددًا معلومًا محتجًّا بأنه لم يرد في ذلك حديث قطعي الثبوت.
وأما الكتب المنزلة عليهم فمائة وأربعة كتب منها خمسون أنزلت على شيث، وثلاثون على إدريس، وعشرة على إبراهيم، وعشرة على موسى قبل التوراة، وأنزل التوراة على موسى، والزبور على داود، والإنجيل على عيسى، والقرءان على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وأول الأنبياء ءادم عليه السلام فهو نبي رسول وءاخرهم محمد عليهم الصلاة والسلام. ولا يجوز الأخذ بقول من ينفي رسالة ءادم ونبوته لأنه قول باطل.
دين الأنبياء واحد وشرائعهم مختلفة
قال الله تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين} (سورة البقرة/213) أي أن الناس كانوا كلهم على دين واحد وهو الإسلام ثم اختلفوا فبعث الله النبيين، وروى الشيخان وأحمد وابن حبان وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى"، والمعنى أن الأنبياء كلهم على دين واحد هو دين الإسلام فكلهم دعوا إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئًا والتصديق بأنبيائه، ولكن شرائعهم مختلفة أي الأحكام، ومثال ذلك: أنه كان جائزًا في شرع ءادم أن يتزوج الأخ من أخته إن لم تكن توأمًا له لأن حواء رضي الله عنها ولدت أربعين بطنًا كل مرة ذكرًا وأنثى وكان حرامًا عليه أن يتزوج الأخ بأخته التي هي توأمة له ثم نسخ الله تعالى هذا الحكم بعد موت ءادم وحرم زواج الأخ بأخته إن كانت توأمة له أو لم تكن. أيضًا كان مفروضًا في شرائع أنبياء بني إسرائيل كموسى صلاتان في اليوم والليلة، وفي شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خمس صلوات. وكان جائزًا في شرع سيدنا يعقوب عليه السلام أن يجمع الرجل في الزواج بين المرأة وأختها وهو محرم في شرع محمد صلى الله عليه وسلم، وكان جائزًا في الشرائع القديمة أن يسجد المسلم للمسلم للتحية وهو محرم في شرعنا، فقد صحّ أن معاذ بن جبل لما قدم من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الرسول: "ما هذا؟" قال: يا رسول الله رأيت أهل الشام يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم وأنت أولى بذلك، قال: "لا تفعل، لو كنت ءامر أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها". رواه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما.
عصمة الأنبياء
اتفق المسلمون على أن الأنبياء معصومون عن الكفر قبل النبوة وبعدها، وكذلك كبائر الذنوب كالزنى وأكل الربا وغير ذلك، وأما الذنوب الصغيرة فما كان من صغائر الخسة والدناءة فهم معصومون منها قبل النبوة وبعدها. وأما الصغائر التي هي غير صغائر الخسة فقد ذهب أكثر العلماء ومنهم الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه إلى أنه تجوز في حقّهم كالمعصية التي حصلت من ءادم عليه السلام قال تعالى {وعصى ءادم ربه فغوى} (سورة طه/121)، ولكنهم ينبَّهون فورًا فيتوبون قبل أن يقتدي بهم فيها غيرهم، وهذا هو القول الصواب.
المعجزة
ليعلم أن السبيل إلى معرفة النبي هو المعجزة، وهي مشتقة في اللغة من العجز، والمراد ما يُظهر عجز الخلق عن معارضته، وتعريفها أنها أمر إلهي خارق للعادة في دار التكليف لإظهار صدق مدعي النبوة، مع عجز من ينازعه عن معارضته بمثل ذلك الأمر الإلهي. ووجه دلالة المعجزة على صدق النبي أنه لما ادعى الرسالة وقال إن صدقَ دعواي أن الله أرسلني لفعل كذا، فظهور ذلك على يده كان بمنزلة صدق عبدي فيما يبلغ عني.
| |
|