شموس العارفين(سيدى ابراهيم الدسوقى)

هو سيدى ابراهيم الدسوقى ابن سيدى أبى المجد القرشى الحسينى الهاشمى ، سليل الذرية الصالحة وسلالة الأطهار الأشراف ، فأبوه يتصل نسبه بالأمام الحسين رضى الله عنه ، وكذلك أمه رحمها الله هى حفيدة آل البيت النبى صل الله عليه وسلم ، وهى قريبة القطب العلامة الزاهد أبى الحسن الشاذلى ، وتؤكد بعض الأثر أنها أخته ، والامام ابراهيم الدسوقى يتصل نسبه ايضآ بالسيد أحمد البدوى رضى الله عنه بالامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر.

والامام الدسوقى رضى الله عنه قد تفقه صغيرآ فى مذهب الامام الشافعى بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم .

وما لم يعرفه الكثير عن الامام الورع ابراهيم الدسوقى رضى الله عنه أنه كان غزير الثقافة وصاحب مؤلفات فى الفلسفة الاسلامية والفقه الاسلامى ، بل ان منها ما ترجم الى اللغات الاوربية فقد انتشرت مؤلفاته على يد المستشرقين فى انجلترا وألمانيا وهولندا ، وصارت مواد أساسية فى المعاهد العليا ومراكز الأبحاث والجامعات لدى الغرب الأوربى.

كان الامام الدسوقى يتصف أيضآ باجادته اللغات الفارسية والسريانية والعبرية ، حتى ان له مؤلفات بتلك اللغات الى جانب اللغة العربية محفوظة الى الآن داخل المتحف البريطانى بالعصمة لندن.

عاصر الامام الدسوقى حبيبه الامام البدوى وعاشا معآ فى عصر الظاهر بيبرس والسلطان اشرف خليل بن قلاوون ، فهو مولود سة ثلاث وثلاثين وستة مئة فى مدينة دسوق المطلة على نهر النيل ، وقد لقب الامام بابى العينين نظرآ لتفوقه ونبوغه فى الجمع بذكاء وحكمة بين عين الشريعة وعين الحقيقة ، أى علم الشرع وعلم الحقيقة ألف كتابآ مشهورآ فى فقه الامام الشافعى رضى الله عنه بعنوان (شرح الدسوقى على متن الغاية للقاضى أبى شجاع) هذا الى جانب مؤلفات عدة فى مختلف العلوم الشرعية والفلسفة الاسلامية ، مع مؤلفات أخرى حول التصوف وعلوم الحقيقة ، وهى حيثيات دفعت السلطان الظاهر بيبرس لأن يصدر قرارآ بتعيينه شيخآ للاسلام ، وقد تولى المشيخة الرسمية طوال فترة حكم الظاهر بيبرس الى أن توفاه الله عام 676 هجرية ، كما أصدر السلطان بيبرس مرسومآ آخر ببناء زاوية يجتمع فيها الدسوقى مع تلاميذته وأحبابه لتلقى مختلف العلوم.

ومعانآ فى توثيق ما أوردناه حول سيرته ومحاسنه وشهرته الذائعة الصيت فى مختلف أنحاء المعمورة ، ها هى أبيات شعرية محفوظة الى الآن فى المتحف البريطانى فى قسم المخطوطات الصوفية النادرة يقول الدسوقى رضة الله عنه :

سقانى محبوبى بكأس المحبة *** فتهت على العشاق سكرآ بخلوتى

ولاح لنا نور الجلالة لو أضاء *** لصم الجبال الراسيات لدكت

وكنت أنا الساقى لمن كان حاضرآ *** أطوف عليهم بكرة بعد بكرة

باذن من المختار خير مهذب *** فان رسول الله شيخى وقدوتى

وعاهدته عهدآ حفظت لعهده *** وعشت وثيقآ ثابتآ بمحبتى

فيكفى أن يتحدث عليه العلامة الكبير والامام العظيم عبد الوهاب الشعرانى ويقول عنه : (كان له المعراج الأعلى فى المعارف ، والنهج الأسى من الحقائق ، والطور الأرفع فى المعالى والقدم الراسخ فى أحوال النهايات ، واليد البيضاء فى علوم الحقيقة ، والباع الطويل فى التصريف الناقد ، والفتح المضاعف فى معنى المشاهدات ، وهو أحد من أظهر ه الله عز وجل الى الوجود وأبرزه رحمة للخلق ، وأوقع له القبول التام عند الخاص والعام ، ومكنه من احكام الولاية ، وقلب له الأعيان وخرق له العادات وأظهر على يديه العجائب منذ الطفولته رضى الله عنه.)..ويكفى أن نسوق هذه القصيدة العظيمة دليلآ على رفعة سيدى ابراهيم الدسوقى رضى الله عنه :

تجلى لى المحبوب فى كل وجهة *** فشاهدته فى كل معنى وصورة

وخاطبنى منى بكشف سرائرى *** فقال : أتدرى من أنا؟.قلت منيتى

فأنت مناى بل أنا أنت دائمآ *** اذا كنت أنت اليوم عين حقيقتى

فقال : كذاك الأمر لكنه اذا *** تعيت الأشياء كنت كنسختى

فأوصلت ذاتى باتحادى بذاته *** بغير حلول بل بتحقيق نسبتى

فصرت فناؤ فى بقاء مأبد *** لذات بديمومة سر مدية

وغيبنى عن فأصبحت سائلآ *** لذاتى عن ذاتى لشغلى بغيبتى

وأنظر فى مرآة ذاتى مشاهدآ *** لذاتى بذاتى وهى غاية بغيتى

فأغدوا وأمرى بين أمرين واقف *** علومى تمحونى ووهمى مثبتى

خبأت له فى جنة القلب منزلآ *** ترفع عن دعد وهند وعلوة

أنا ذلك القطب المبارك أمره *** فان مدار الكل من حول ذروتى

أنا شمس اشراق العقول ولم أفل *** ولا غبت الا عن القلوب العمية

يرونى فى المرآة وهى صدية *** وليس يرونى بالمرآة الصقيلة

وبى قامت الانبياء فى كل أمة *** بمختلف الآراء ، والكل أمتى

ولا جامع الا ةلى فيه منبر *** وفى حضرة المختار فزت ببغيتى

وما سهدت عينى سوى عين ذاتها *** وان سواها ال يلم بفكرتى

بذاتى تقوم الذات فى كل ذروة *** أجدد فيها حلة بعد حلة

فليلى وهند والرباب وزينب *** وعلوى وسلمى بعدها بثينة

عبارات أسماء بغير حقيقة *** وما لوحوا بالقصد الا لصورتى

نعم نشاتى فى الحب من قبل آدم *** وسرى فى الأكوان من قبل نشاتى

أنا كنت فى العلياء مع نور محمد *** على الدرة البيضاء فى خلوتى

أنا كنت فى رؤيا الذبيح فداءه *** بلطف عنايات وعين حقيقة

أنا كنت مع ادريس لما أتى العلا *** وأسكن فى الفردوس أنعم بقعة

أنا كنت مع عيسى على المهد ناطقآ *** وأعطيت داودآ حلاوة نغمة

أنا كنت مع نوح بما شهد الورى *** بحارآ وطوفانآ على كف قدرة

أنا القطب شيخ الوقت فى كل حالة *** أنا العبد ابراهيم شيخ الطريقة

قال سيدى عبد الوهاب الشعرانى فى شرح القصيدة : وجميع ما فيها استطالة من هذه الابيات انما جاء بلسان الأرواح ، ولا يعرفه الا من شهد صدور الأرواح من أين جاءت ، والى أين تذهب ، وكونها كالعضو الواحد من المؤمن اذا اشتكى فيه ألمآ تداعى له سائر الجسد ، وذلك خاص بالكامل المحمدى لا يعرفه غيره ، وقد كان سهل التسترى رضى الله عنه يقول :أعرف تلامذتى من يوم ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف:172]، وأعرف من كان فى ذلك الموقف عن يمينى ومن كان عن شمالى ، ولم أزل من ذلك اليوم أربى تلاميذتى ، وهم فى الأصلاب لم يحجبوا عنى الى وقتى هذا ، ونقله ابن العربى رضى الله عنه فى الفتوحات ، وكان رضى الله عنه يقول : أشهدنى الله ما فى العلى ، وأنا ابن ست سنين ، ونظرت فى اللوح المحفوظ ، وأنا ابن ثمانى سنين ، وفككت طلسم السماء ، وأنا ابن تسع سنين ، ورأيت فى السبع المثانى حرفآ معجمآ حار فيه الجن والانس فهمته وحمدت الله تعالى على معرفته ، وحركت ماسكن ، وسكنت ماتحرك باذن الله تعالى وأنا ابن أربع عشرة سنة ، والحمد لله رب العالمين.

ومن أقواله رضى الله عنه :

*اذا وعظت الناس فعظهم بعملك وعلمك ، فاذا رآك الناس بالعلم عاملآ سمعوا منك وعلموا

*الصوفى الحقيقى يكون حمالآ للأذى ، ولا يؤذى من يؤذيه ولا يتحدث فيما لا يعنيه

*من لم يكن منكم متشرعآ متحققآ نظيفآ عفيفآ شريفآ فليس من أولادى ، وان كان من صلبى

*قاتلوا عدو ربكم وعدوكم ، فقد انتهكت حرمات دينكم وعطل دور العلم واقتحم بلادكم ..يا أبنائى كونوا شجعانا ، فان أعداء الاسلام هدفهم كما قال تعالى فى قرآنه الكريم (انهم ان يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم فى ملتهم ولن تفلحوا اذآ أبدآ).

*طريقنا طريق جهد وتحقيق وتصديق وعمل ، وعض بصر ، وتنزه وطهارة يد وفرج ، ولسان ، فمن خالف شيئآ منها رفضه الطريق طوعآ أو كرهآ.

شربت دنان الصرف من حضرة الرضا *** وكان دليلى فى الهوى سيد العرب

رحم الله الامام العالم الصوفى الفقيه البليغ سيدى ابراهيم الدسوقى أبا العينين وأعاد علينا من بركاته وأنواره وأنفاسه ونفعنا به فى الدنيا والآخرة

• 
  
  
  
• 
  
  

Options de recherche

• 
  
  
  
  • 
    
  
  

Résultats de recherch

الله يكرمك بالرضا أختى نوران فى الدنيا والآخرة وينعم عليك بجاه الأولياء الصالحين

أسعدنى مرورك وأفرحنى دعائك لى

لكنى منى كل معانى التقدير والود والاحترام

سيدى الغالى والعالى القدر أبو حامد سقاك الله من شراب محبته ومنحك وسام ولايته

أشكرك كثيرآ على المعلومة وياريت من حضرتك الدعاء لى عند مقام سيدى أبا العين وتهدى لى ولعائلتى وأحبابى فاتحة بنية القبول والتوفيق

أسأل الله لك وصالا لا ينقطع وحب غير متناهى حتى تلقاه عز وجل وهو عنك راض