المريد الراضي عضو ذهبى
عدد المساهمات : 259 نقاط : 9738 التفاعل مع الاعضاء : 4 تاريخ التسجيل : 06/02/2013 الموقع : تبنا الي الله
| موضوع: حُجة الله علي العباد لسيدي سلامة الراضي رضي الله عنه وأرضاه الجمعة مارس 15, 2013 1:37 am | |
| حُجة الله علي العباد لسيدي سلامة الراضي رضي الله عنه وأرضاه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ـ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . وبعد فيقول العبد الفقير إلى ربه العلي سلامة بن حسن الراضي الشاذلي عفا الله عنه وغفر له ولوالديه وإخوانه المسلمين ، قد أجرى الله في قلبي خاطراً أسأل الله أن يكون إلهام حق ، وحثني على وضع هذه الرسالة رجاء نفع عباد الله بما فيها ، فاستخرت الله تعالى وشرعت في ذلك ، وها أنا أقول مستمداً من بحار فضل الله ، ومن بركات سيد الأنبياء وخير خلق الله على الإطلاق عليه أفضل الصلاة وأتم السلام . إعلم يا أخي وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه أن كل صنعة تدل على صانعها ، إذ لو وجدت صنعة بدون صانع لكان وجودها اتفاقاً وصدفة ، والاتفاق والصدفة إنما يكون في الأشياء النادرة ، ولكنك إذا نظرت إلى هذا العالم الدنيوي ، وتأملت ما فيه من العجائب والغرائب ، لشاهدت الإبداع والإتقان في كل شيء ، من حيوان ونبات وجماد وسماء ونجوم وبحار ، وغير ذلك مما لا يحصى عدده ، بل لو تأملت ما في الإنسان وحده لوجدت فيه من الحكم ودقة الصنعة مالا يصدر إلا عن عليم حكيم . وضع الأشياء مواضعها بمقادير وكيفيات محكمة ، لا تفاوت ولا خلل فيها ، فإذا نظرت إلى اليدين وجدتهما قد وضعا على تركيب عجيب يضمن المنافع المقصودة من خلقها فلو كانت كل يد قطعة واحدة لبطل الانتفاع بها ، فجعل الله فيها مفاصل وجعل فيها أصابع ، وجعل الأصابع متفاوتة الكمية والشكل والوضع ، وذلك كله لمنافع مقصودة للواضع ، وكذلك لو نظرت إلى العين وطبقاتها ، والرأس والحواس المودعة فيها ، البطن وما حوته ، والعروق والعظام والأعصاب ، لوجدت شيئاً عجيباً وصنعاً بديعاً لا يصدر بطريق الندرة والصدفة بل لا يصدر إلا عن حكيم عليم . ومن هنا تتيقن أن للعالم إلـهاً خلقه وأوجده وهو الله سبحانه وتعالى ، وإذ كان الله جل شأنه هو الذي أوجده فقد ثبت أنه سبحانه وتعالى قادر ، إذ لو لم يكن قادراً لما أوجده ، وكذلك تعلم أن هذا الصانع إذا كان هو الذي أوجد الخلق فلا بد أن يعلمهم ، فهو سبحانه وتعالى العالم بجميع الأشياء ، أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [ الملك : 14 ] ـ وكذلك تعلم أن الموجود إنما أوجد الأشياء بإرادته ومشيئته ، إذ لم يكن هناك من يضطره إلى خلق العالم ، ولو كان هناك أحد يجبره أو يضطره لكان عاجزاً فلم يخلق شيئاً ، ويكون الذي اضطره هو الإلـه ، وذلك محال ، إذ قد ثبت أنه سبحانه وتعالى كان ولا شيء معه ، وخلق جميع ما سواه ، فحينئذ لا يقال أن هناك من يجبره ، فهو سبحانه مريد لكل شيء من المخلوقات ولا يوجد أحد من الخلق إلا بقدرته وإرادته ومشيئته وعلمه ، وهو سبحانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وربك يخلق ما يشاء ويختار . يعلم دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء ، نفذت ( ) قدرته وتعالت صفاته ، وتقدست أسماؤه ، يسمع كل مخلوق ويبصره بسمع وبصر كما أخبر في كتابه ، متكلم بكلام أزلي أبدي لا تنقضي غرائبه ولا تنفد عجائبه ، وهو سبحانه وتعالى حي سرمدي الوجود لا يلحقه الفناء ، بل هو سبحانه وتعالى قديم لا أول لقدمه ولا افتتاح لوجوده ، أول بلا ابتداء ، آخر بلا انتهاء ، إن وجدت الخلق فهو سبحانه وتعالى موجود وإن انعدم الخلق فهو موجود ، لا يلحقه من وجودهم ولا من عدمهم تغير ولا حدوث ، بل هو في تنزيهه وتعاليه كما يستحق لذاته حكماً ذاتياً غير مكتسب ولا معلوم ، وليس هو سبحانه وتعالى علة لشيء إذ لو كان علة لانتفت عنه الإرادة وهو محال ، ثم إن إرادته سبحانه وتعالى ليست معلومة لحكمة دعتها إلى الترجيح بل هي إرادة أزلية لا افتتاح لها ، فلا يقال إن الباعث قديم ، إذ لا بد للإرادة من حكمة ، وإذا كانت الإرادة قديمة فالحكمة قديمة ، لأن إرادة الله سبحانه هي عين الحكمة ، والحكمة عين الإرادة ، وإذا لم يكن ثم غير الحق فاختيار الحق لشيء من الأشياء حكمة وإرادة ، إذ لم يكن هناك وضع متقدم على إرادة الحق حتى يكون قديماً ويكون غير الحق سبحانه وتعالى ، وهو جل شأنه لا يشبه أحداً من خلقه ، إذ لو شابهه لكان مخلوقاً مثله ، إذ ما جاز على أحد المثلين جاز على الآخر ،،، فليس للحق سبحانه وتعالى جسم ولا عرض ولا تحيز ولا جهة من الجهات ، ولا يتصف بأكل أو شرب أو نوم أو زمان ، أو تركيب أو بساطة أو اتصال أو انفصال أو دخول أو خروج ، إذ كل هذا من صفات الحوادث ، ولو كان سبحانه وتعالى متصفاً بشيء من ذلك لكان حادثاً وهو محال ، إذ علمت برهان قدمه قبل هذا وهو سبحانه غنيٌّ غِناً مطلقاً فلا يحتاج إلى أحد سواه أبداً ، إذ هو مستغنٍ عن كل ما سواه ، ومفتقرٌ إليه كل ما عداه ، ولو احتاج إلى غيره لكان عاجزا ، فكيف استغنى عن الخلق قبل خلقهم ؟ وهو سبحانه لم يتغير عما كان عليه ، وهو الآن على ما عليه كان ، وهو سبحانه وتعالى واحد ، أي لا يتعدد في ذاته الأقدس ، وليس له صفتان من جنس واحد ، كإرادتين وعلمين ، وليس يشبه فعله فعل آخر ، إذ الأفعال كلها مخلوقة له سبحانه وتعالى ولا تتوهم من أن ذات الحق لا تتعدد ، وأنها ليست مركبة أنها بسيطة ـ أي ضد المركب ـ فإن البساطة والتركيب من صفات الخلق وهو سبحانه منزه عن كل ذلك ، فلا يقال في الحق أنه بسيط أو مركب ، ونزِّه ربك عن كل صفات المحدثات وليس على الله شيء واجب إذ لو وجب عليه شيء لكان مكرهاً على فعله ، بل هو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ، وما خلق الخلق وأفاض عليهم الأرزاق ويسر لهم المصالح ، وأرسل الرسل للخلق بالبشارة والنذارة إلا تفضلاً ورحمة منه ، فهو سبحانه وتعالى متفضل كريم جواد حليم . وإن ورد في الشرع ما يشعر بالواجب ، فإنما هو شيء أوجبه الحق على نفسه من باب تحتيم الفعل ، وإنه لا يخلفه أو يطمئن الخلق أو لغير ذلك من الحكم ، وليس هذا من باب الواجب على الله وإلا فهو سبحانه إذا أراد أن ينسخ ما وعد به أو أوعد ، فلا استحالة في العقل ولا يعجزه ذلك ، بل غاية ما في الأمر أن الله سبحانه تكرم بشيء على عبده ، والكريم لا يبطل ما تكرم به ، وهو سبحانه أكرم الأكرمين ، ورحمته جل شأنه وسعت كل شيء ، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك . وإذا علمت أن لك إلـهاً واحداً قادراً مريداً عليماً حياً سميعاً بصيراً متكلماً قديماً باقياً ، لا يشبه أحداً من المخلوقات ، غنيا عما سواه ، مفتقرا إليه كل ما عداه ، وعلمت أنه أرسل إليك رسولا ـ هو سيد الخلق ـ وأيد الله رسالته بالمعجزات الباهرات ، ووصل علمها إلينا بالتواتر من جيل إلى جيل ، فهو () الصادق فيما أبلغ وأخبر عن ربه ، إذ المعجزات التي ظهرت على يديه () إنما هي فعل الله سبحانه وتعالى ، وهي تقوم مقام خطاب الله لخلقه : صدقوا عبدي فيما يبلغ عني ، فالشاك فيما بلغ الرسول عليه الصلاة والسلام غير مصدق للحق تعالى ، وإذن وجب تصديق الرسول عليه الصلاة والسلام في كل ما بلغ وأخبر عن ربه . | |
|